• هل الدمى كلمة حلوة أم كريهة؟. ربما كانت حلوة وكريهة في وقتٍ واحد، ومهما يكن الأمر فإنها موجودة في كل بيت.

الدمى ليست بالضرورة تلك التي رأيناها تتحرك بخيوطٍ من يدٍ فوقها، ولا تلك المصنوعة من قطع القماش والإسفنج أو من البلاستيك، هناك نوعٌ آخر.. دمى لها أرواح، وتلبس، وتأكل، وتشرب، وتنام، وتكبُر، وتذهب لأعمالها، وتحب، وتكره، وتوالي، وتعادي، وتعتقد، وأحياناً تؤذي وتنتقم، تفعل كل هذا، وما يثير القلق في هذا النوع أن اليد والخيوط التي تحركها لا تُرى، وأقل ما يكون من ينتبه لها وإن لم يرها.

http://www.youtube.com/ watch?v= mrmWDHWgIAQ

• في هذا المقطع على الرابط شخصٌ متنكر بزيّ هنديٍ أحمر، ربط دميتين من أمامه ودميتين من خلفه بوصلات طويلة، وهو بينها في المنتصف، فيتحركون بحركته، وقد ألبس هذه الدمى ملابس متنوعة، حتماً لها دلالاتها.. وما يهم هو أنه بقدر ما في هذا المقطع من الفن المدهش والضحك والإثارة.. بقدر ما فيه من التاريخ والفكرة، كأنه يقول إنه سيكون هناك أحدٌ أو مجموعة أو فكر أو شيءٌ ما - على الدوام - يحرك ضعاف العقول، كمن يحرك الأيادي المتطرفة ويستعديها على أوطانها، كما يشاء ووفق ما يريد، وهؤلاء الجميع من أي طبقةٍ أو اتجاهٍ كانوا فليسوا آخر الأمر إلا حشداً من الدمى، من أمامه أو من خلفه!. أيضاً في المقطع لا يختلف الجمهور الذي يصفق ويرقص بالمدرجات شيئاً عن الدمى التي يحركها هذا الغامض اللطيف..!.

• في كل بيتٍ دمية، مرة نشتريها للصغار كي نبتكر لهم أصدقاء لا يؤذونهم، ومرة نكافئهم بها حين يمتثلون لأوامرنا، ومرة نأتيهم بها في مفاجآت الأعياد، وحين يمزقونها أو يخلعون أطرافها أو يخلعون لباسها، نعاتبهم وربما توعدهم بعضنا بأنه لن يأتي لهم بغيرها. إننا نهتم بدمى أطفالنا، لكن قليلون جداً منا هم من يخيفهم أن يصير صغارهم كالدمى التي بين أيديهم، وأقل منهم من يحترز لذلك!.

• خيوط: إن الذين يفتكون بالعقل ويملؤون نفوس الناس وأذهانهم بالرعب من الأسئلة يعتدون على إنسانيتهم، حتى وإن ألبسوا أقاويلهم لباس الخشية والفضائل.. وبكل الأحوال يبدو أنه لم يعد بوسعهم فعل ما كانوا يفعلونه في هذا الزمن المفتوحة نوافذه على فضاء المعرفة والتفكير.. وطالما كانت مهمة المعرفة والتفكير أنها تقطع الخيوط التي لا نراها، كي نخرج من سلة الدمى، ونكون ما أراده الله منا: بشراً يعقلون، لا بشراً يقودهم مجهول نحو مزيد من التطرف، حتى إن لوى في سبيل ذلك عنق النص، وأوّل كيفما تحلو له أهدافه الشريرة!.