في عام 1995م، تم العثور على مخطوطة قديمة في شاحنة قديمة في فيرجينيا بخط عربي، وكانت العبارة الشهيرة فيها: الله وحده له السيطرة على حياة البشر.
ثم عرف الكثير عن هذه المخطوطة الضائعة والتي تعود إلى كتابة رجل علم شرعي هو عمر بن سعيد الأميركي من أصل أفريقي.
وهي فقرة من فصل استشهد بها من قوله تعالى في سورة الملك "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور".
وهذا الرجل قصته حزينة وقصة مخطوطته أحزن.
واليوم بعد أن عثر على مخطوطته التي كتبت باللغة العربية وقدمت لمركز الإيمان في نيويورك، وترجمها علاء الريس إلى الإنجليزية ظهرت للسطح مرحلة مؤسفة من العبودية في أميركا.
وعمر بن سعيد ولد عام 1773 م في فوتا تورو في المنطقة بين نهر السنغال وغامبيا، وبقي في غرب أفريقيا حتى عمر 25 سنة كطالب علم شرعي، ووقع في الأسر عام 1807 م، ثم اقتيد للعبودية في أميركا حتى مماته عام 1864م.
أي أنه قضى في زنازن العبودية أكثر من نصف قرن.
وكتب مخطوطته باللغة العربية يبوح لها بأسرار حبه وتعلقه بالإسلام، وكان ذلك في عام 1831 م، وفقدت المخطوطة عام 1920 م ثم أعيد اكتشافها عام 1995 م، واليوم تظهر في أميركا بطبعتها باللغة الإنجليزية، بعد أن أصبح صاحبها عظاما وهو رميم.
وتم تداول خبر هذه المخطوطة في الإنترنت، وهي تحكي صبر هذا الرجل وإيمانه وتحمله وتسامحه مع قصص لا نهاية لها من العبودية.
وكان ينظر إلى قدر الإنسان أنه شيء أكبر من إرادته أحيانا، ومنها سيرته الذاتية.
ومما يذكر روجيه غاروديه أن أفريقيا فرغت من البشر ويقدر أن عشرات الملايين من السود قضوا نحبهم وهم يشحنون زربا كالحيوانات في السفن. وما زالت الصور المحفوظة في الأراشيف حتى اليوم تظهر أفضل الطرق لحمل أكبر عدد ممكن من العبيد في سفينة واحدة.
وبرع التجار البرتغاليون في هذه الصنعة ومازالت قلاعهم والحبوس والزنازين والشحن والتفريغ مثل قصة سفين الأميستاد تحكي عن وفاة الكثير منهم في رحلة الذهاب لأميركا، والصور التي رأيتها أنا شخصيا من المصادر الألمانية ذكرتني بعلب السردين، فكان يموت بمن فيهم الأقوياء منهم في رحلة الشحن الجهنمي ومن مات ألقوه إلى سمك القرش وجبة هنية.
ولكن أميركا تورطت في قضية ليس لها حل وهي أن السود أصبحوا مواطنين أميركيين، وبدؤوا يصعدون سلم القوة كما رأينا في كوندوليسا وباول في حكومة بوش وأوباما لاحقا، فهم من ذرية أولئك التعساء المقرودين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ومالكولم اكس كان من قاع مجتمع السود فقفز إلى منصة التاريخ.
وفي يوم جنّد فرقان الأسود المسلم أكثر من مليون أسود في مواجهة البيت الأبيض، وهو يطمع أن يحشد في يوم ما عشرة ملايين.
واعتناق السود للإسلام يزيد ويكتشفون جذورهم كل يوم كما جاء في فيلم الجذور.
ويتوقع المؤرخ توينبي أن يصل السود إلى القيادة وبالإسلام.
والله أعلم حيث يجعل رسالته.
رحمة الله عليك ياعمر بن سعيد لقد كنت ترى خط التاريخ وكأن أفق المستقبل رهن ناظريك وكنت نعم المؤمن المسلم الذي فوض أموره إلى العزيز الغفار كما قال الله: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار..