يرصد إصدار جديد جذور التطرف الإسرائيلي من خلال تتبع دقيق  لفتاوى الحاخامات اليهود التي تحتل مكانة رئيسية ضمن مكونات آليات التحكم والسيطرة في المجتمع الإسرائيلي، وفي بعض الأحيان تكون هي المحرك الرئيس لموقف المجتمع تجاه بعض القضايا، وليس بالضرورة أن تكون هذه القضايا قضايا تشريعية تتعلق بالحياة اليومية لليهودي في إسرائيل، أو تتعلق بأمر من أمور العبادات أو الأحوال الشخصية مثل تلك الفتاوى التي تتعلق بالميراث أو الزواج أو الطلاق مثلا.

فقد تصدر الفتوى من حاخام عند حدوث واقعة لا تتعلق بالمجتمع الإسرائيلي من قريب أو بعيد، أو تكون رداً على سؤال أحد المواطنين في أمر فقهي يتعلق بالتسونامي، أو بإعصار كاترينا الذي ضرب بعض المناطق في الولايات المتحدة الأميركية، وأصدر بعض الحاخامات فتاوى تتعلق بقرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية مثل قرار أريل شارون رئيس الوزراء الأسبق بفك الارتباط من جانب واحد مع قطاع غزة عام 2005، وصدرت فتاوى عن حاخامات يحرمون هذا الانسحاب بل ويجرمون من يقوم بعملية إخلاء المستوطنات تمهيداً للانسحاب، بل وصل الأمر إلى الدعوة إلى عدم الدعاء لشارون بالشفاء والشماتة فيه بسبب قراره بالانسحاب من غزة.

ويؤكد أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس الدكتور منصور عبدالوهاب في كتابه "فتاوى الحاخامات.. رؤية موضوعية لجذور التطرف في المجتمع الإسرائيلي" الصادر أخيراً  عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، أنه إذا اقتصر الأمر على مثل هذه الشؤون فلا شأن لنا بها، لا سيما وأنها لا تتعلق بأمر يخصنا سوى تلك الفتاوى التي تدعي أن الأراضي المحتلة هي جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل الكبرى بالمفهوم التوراتي، ولكن لم يفلت الآخر بصفة عامة، والآخر المسلم والمسيحي بصفة خاصة من نار هذه الفتاوى التي تقضي على الأخضر واليابس فينسف مفهوم التعايش مع الآخر، وقد كان للأماكن الإسلامية المقدسة نصيب كبير من الفتاوى التي تحض على هدم المساجد وبخاصة المسجد الأقصى المبارك، وكذلك لم تسلم الديانة المسيحية من هذه الفتاوى التي تظهر عدم الاحترام والتقدير لهذه الديانة، وقد طال الأمر شخص المسيح عليه السلام.

ويؤكد الدكتور عبدالوهاب أن لهذه الفتاوى عظيم الأثر في تشكيل البنية الفكرية للمجتمع الإسرائيلي وتحديد آليات تعامله مع الآخر.