بغض النظر عن الأسباب السياسية التي رافقت وما زالت ترافق الاحتجاجات أو الثورة الشعبية في مصر والتي سبقتها في تونس، والتي ستلحقها في بعض البلدان العربية، فإن الشرارة الأولى لها كانت الحاجة الاقتصادية لملايين البشر الذين يرون أن ثروات بلادهم يسرقها أشخاص وصلوا في غفلة من الزمن إلى الإمساك بتلابيب السلطة، ولم يقفوا عند ذلك فقط، بل تعدوه إلى التفريط أحيانا بسيادة بلدهم إلى جهات إقليمية، تحت شعارات "السلام".

ما يجري في مصر، يدفعنا إلى السؤال هل الانتفاض هو من أجل الخبز والحرية أم من أجل الزعيم؟ حتى قبل قليل من نزول أنصار مبارك إلى ميدان التحرير وركوب الخيول والجمال كان السائد أن المتظاهرين كانوا يعبرون عن نبض الشارع. ولكن الصورة تغيرت، وبات الزعيم هو المفضل. نفس الشيء يمكن أن ينسحب على الأوضاع التي سادت في لبنان في فترة سابقة. فالكل كان يسعى إلى السيطرة على السياسة وتركوا الهموم المعيشية جانبا. وكان يحز في النفس أن نشاهد على شاشات التلفزة من يخون طبقته من أجل الزعيم، لأن صورة ما كان ينقل عندما تدعو بعض الفئات إلى التظاهر من أجل تحسين ظروف المعيشة، كانت الجموع خجولة.

آن لنا أن نفرق بين الـ"نحن" والـ"هم". فالمصالح الحقيقية للسواد الأعظم من الشعب تنحصر في الحرية والديموقراطية والعيش الكريم، وهي مقومات لا يمكن تأمينها إلا عن طريق التفاهم بين جناحي الوطن: الشعب والحكومة، وأي اختلال بين هذين الجناحين سيؤدي إلى عواقب وخيمة.