كثيراً ما تستوقفنا بعض الأنظمة المعتمدة لدينا والتي تهدف إلى تطبيق الدين والحفاظ على الأمن وكيف لها أن تكون عكس ذلك تماماً حينما يكون الخلل في التطبيق لا في المبدأ.

فعندما يعتمد النظام التشدد والتقييد منهجاً في التعامل، عندها فقط نجد أن تلك القيود قد اتخذت من الانضباط قناعا لتكبل الحريات وتعيق المصالح لتخلف وراءها ردود أفعال معاكسة ونتائج أكثر سلبية لم تكن في الحسبان.

لن أستشهد على سبيل المثال بحال تلك المرأة التي باتت ضحية (تعذّر توفر المحرم) فأقفلت بوجهها أبواب الخدمات وفرص العمل وأماكن الترفيه، لن أستشهد بها كمثال على تزمت الحال، بل لكي أضحك كثيراً من ذلك الرجل والذي برأيي عليه أن يتنبه لمزاياه التي طالما تمتع بها وكيف بات وجود محرم ـ من النوع النسائي ـ ضرورة ملحة لتمكنه من دخول الأماكن العامة وإتمام شؤون حياته اليومية بل حتى في إمكانية قبوله في السكن بمنطقة ما.

لا ننكر أن هناك فئة من الشباب يستحقون قانون الحظر هذا، وأن منعهم من التواجد بالأماكن العائلية ـ لما يحدثونه من فوضى تمس راحة الآخرين ـ قرار صائب، ولكن ولأن من يضعون (قانون الحركة السعودي) يؤمنون بعمومية الشر، ويستسهلون مبدأ سد الذرائع، فقد فُرض حصار على كافة رجالنا لا يرتكز على مبادئ إسلامية هدانا إليها رسول الله عليه الصلاة والسلام في زمنه ولا الصالحون من بعده، ولا يرتكز على أساس أمني.

وبناء على ما تقدم، عزيزي الرجل الصالح، هل تعلم أنك لو كنت تقصد أغلب المراكز التجارية فإنك لن تستطيع الدخول إليها لشراء هدية لزوجتك أو مستلزمات ابنتك أو حتى مستلزمات تخصك وتخص منزلك، كما يتحتم عليك عدم التواجد في أي حديقة عامة وإن كنت تنوي فقط افتراش الأرض والتحاف السماء، ناهيك عن حظرك من السكن في كثير من المجمعات السكنية، وهل تعلم في المقابل أن أولئك الذين مُنعت بسببهم يجيدون التحايل على حراس الأمن بتقديم القرابين للدخول بينما تبقى أنت وابن الأربع عشرة سنة خارج كثير من الأماكن العائلية السابقة!

مثال كهذا لا أقصد به التشكيك في مكانة الرجل حيث نحن. أو مدى صحة تسمية مجتمعنا بالمجتمع الذكوري، إلا أنني أشير إلى تلك الأنظمة المستحدثة التي أخذت بتصعيب سير الحياة على المرأة والرجل، ولا أعلم كيف لها أن تحافظ على راحة الأفراد في ظل تعقيد وتقييد الحركة؟

هو كذلك، كلما زاد الفرض فاض الرفض، وكلما كثرت الحواجز زاد عدد القافزين من فوقها، وعندما تكون القرارات بالإجبار يتلاشى الاقتناع بها... وهكذا نحن، نغلق آذاننا دوماً عند سماع الأصوات العالية.