يقول معالي أمين جدة المهندس هاني أبو راس في تصريحين خلال الشهر الماضي ما يلي: في الأول، إن وزارة المالية لم تودع مبلغ 625 مليون ريال كانت مقررة ومجدولة لبعض المشاريع العاجلة حول السيول والصرف وإن الأمانة ظلت تنتظر هذه المبالغ لتكون في حسابها لأكثر من ستة أشهر حتى اللحظة. تصريح الأمين آنف الذكر كان بداية الشهر الماضي، أي قبل شهر من بداية سيل الأربعاء الأخير.

في التصريح الثاني يذكر معالي الأمين أنه وجد ليلة استلامه للمنصب قبل أشهر طويلة ستة وثلاثين مشروعاً متعثراً في التنفيذ، وبالطبع لا يمكن قراءة هذا الرقم المشاريعي الضخم بعيداً عن كارثة هذه المدينة.

والواضح أن وزارة المالية تتعامل مع كثير من المشاريع الوطنية مثل قطرات الندى بينما الحاجات الملحة تهطل على أرض الواقع مثل السحابة.

تتعامل وزارة المالية مع كل شيء في الصرف بصمت مطبق. إنها لا تجيب على الإطلاق عن آلاف مسيرات الصرف المالي، وبالطبع كل الجهات الحكومية تشتكي من طريقة الأداء المالي.

وإذا كانت هذه الملايين متفق عليها ضمن بنود الصرف العام فما هي المبررات التي يمكن للوزارة أن تحتج بها لتأخير الصرف. وفي كل مشروع حكومي تسمع عنه بالملايين، فإن هذه الملايين تبقى مجرد تصريحات ورقية لأن ـ الصنبور ـ الشحيح في يد الوزارة.

كل المقاولين مع مديري الجهات المختلفة يشكون قصة التأخير في صرف المستحقات المالية. أما تصريح الأمين الأخير حول المشاريع المتعثرة فتلك أيضاً قصة وطنية مؤلمة. السبب واضح لا يحتاج لعظيم اجتهاد. أعرف شخصيا مشروعا بالمليارات تمت ترسيته في الأساس على شركة إنشاء عملاقة ثم تم تقطيعه مثل لحم البقرة ليلة عيد الأضحى على الضعفاء والمساكين.

أعرف أن كل قطعة من تلك البقرة الحمراء بيد مقاول باطن أخذها من الورقة الخامسة، ولا يوجد مشروع بيد المقاولين الأربعة الأوائل من الباطن، فماذا نتوقع من الخامس وهو يأخذه بخمس القيمة.

مقاول الباطن هو الجريمة الوطنية الأولى للحرب في هذه الظروف.