يقال فيما يقال: "إذا عُرف السبب بطل العجب"، ولهذا عرفتُ أخيرا سبب عدم تفاعل أي عضو في "هيئة حقوق الإنسان" الموقرة على مدى سنوات من عمر "كلاكيتيات" ومع كثير من زوايا الزملاء الكتاب ممن يشاركونني طرح قضايا إنسانية لفقراء ومعضولات ومطحونين ومجلودين حقها أول من يتفاعل معها الهيئة الموقرة!! وأكيد تتساءلون الآن "ما السبب يا فطينة!؟" ففيما يبدو أن "الجماعة" مشغولون في سفرياتهم ـ أعانهم الله ـ لمناقشة حقوقنا الإنسانية في المنظمات الحقوقية الإنسانية بدول العالم من خلال انتداباتهم "الباهظة التكلفة" للمؤتمرات والمشاركات الدولية؛ والتي كانت منها مشاركتهم في مجلس حقوق الإنسان العالمي بجنيف؛ وصلت فيه تكلفة فاتورة إقامة الوفد وتنقلاته إلى 1.3 مليون ريال سعودي؛ ريال ينطح ريال ـ عفوا ـ أقصد ألف ينطح ألف، لمدة ستة أيام فقط بنكهة "سويسرية"؛ ففاتورة ليلة واحدة للعضو الواحد 20 ألف ريال بالفندق السويسري؛ وهذه القائمة الحسابية نقلها خبر "عكاظ" بالأمس؛ وأحيّي هنا بصراحة موقف وزارة المالية التي أيدت مراقبها "الأمين" في رفض سداد الفاتورة؛ وأتمنى تفعل حسها الرقابي أكثر فأكثر.
وبصراحة شديدة؛ أستغرب من كون الوفد مشاركا في جلسات مجلس حقوق الإنسان العالمي؛ أي أن تنقلاته يُفترض أن تكون داخل دائرة الجلسات؛ ليتعلموا آخر المستجدات في حقوقنا الإنسانية؛ فكيف تكون هناك فاتورة باهظة للتنقلات إلا إذا كانت خارج دائرة الجلسات؛ لكن ربما رغب الوفد في التعرف على كيفية تطبيق حقوق الإنسان السويسرية على أرض الواقع!! فبالتالي لا مانع من وضع فاتورة التنقلات "السياحية" عفوا أقصد "العملية" تحت بند "تنقلات إنسانية تطبيقية" ربما يأتي ذلك بنتيجة في حلّ تلك الملفات المتراكمة في أدراج الهيئة ولا تزال.
وما دام المسألة فيها مليون؛ و"المليون يُجر معاه مليارات"!! أتساءل هنا: أين دور هيئة حقوق الإنسان مع الذين تضرروا من سيول جدة؟!! فحتى الآن لم أسمع لها صوتا في الصحف على قدر متابعتي اليومية لها منذ الكارثة؛ فهناك مليار ريال قيمة خسائر ستدفعها جيوب المواطنين؛ والذين كانوا على موعد يومين من رواتبهم الشهرية من 25 صفر؛ وكأن السماء رأفت بهم لكي تستمر في كشف الأيدي الفاسدة التي تسببت في هذه المعاناة؛ فأين الهيئة الموقرة وأعضاؤها عن الحالات الإنسانية التي حتما أوجدتها هذه السيول وتحتاجها؛ فعشر حالات وفاة؛ يعني أن هناك من تيتم ومن ترملت؛ و4350 أسرة تشردت وتمّ إسكانها وإيواؤها؛ يعني منهم الأرامل والمطلقات واليتامى ممن يحتاجون عون أعضاء الهيئة؛ وربما يقول القائل هذه المهمة لوزارة الشؤون الاجتماعية؛ ولكن هيئة حقوق الإنسان التي تشارك في المؤتمرات الدولية وتتعلم منها يفترض أن تعرف أن مهمتها أكبر من استقبال الشكاوى ووضعها في الأدراج؛ يفترض أن تكون العين الرقيبة عن كل هؤلاء والمطالبة بحقوقهم؛ لتعجل في صرف التعويضات والتي تأخرت على بعضهم منذ السنة الماضية؛ لكن بعد هذا الخبر "الفضيحة" يبدو أن هيئة حقوق الإنسان هي الأخرى تحتاج لمراقب؛ وتأمل الرقم 1.3 مليون في هذا الخبر غير المعقول!! فيا ترى كم الأرقام الأخرى التي صرفت من أجل تطوير حقوق الإنسان وانتدابات أعضائها ولم تنشر بعد؟! أترك البحث عن الإجابة للصحافة؛ فهو دورها المنتظر لكشف الخلل.