لم يكن أحد يتوقع أن تصل الأمور إلى أبعد ما وصلت إليه الأحداث في مصر.
الكل اعتبر نفسه خرج منتصرا من معركة كانت شرارتها المباشرة الانتخابات التشريعية التي أتت بالحزب الحاكم إلى ساحة خالية من أي منافس، يغرد وحده في فناءي مجلسي الشعب والشورى.
الشعب خرج منتصرا لأنه ضرب حلقة الرعب التي كانت مفروضة عليه منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عبر قانون الطوارئ. عبّر عما يجيش في داخله من خلال حركته الشعبية التي امتدت إلى كل الساحات في جميع المدن المصرية، وإن لم تخل من بعض مظاهر العنف. واستطاع بانتفاضته أن يغير ما كان محرما. أخرج بعض رجالات النظام بالإكراه من دائرة صنع القرار، وأعاد إلى الشارع نبضه، وإن كان بنظر البعض، غير كاف.
إمساك المؤسسة العسكرية من جديد بمفاصل القرارات السياسية أعاد إلى ذاك الشارع عملية الضبط والربط، ليس لأن الجيش يسعى إلى ذلك، بل لأن الساحة السياسية فارغة من القيادة. فالشباب الذي نزل إلى الساحات وعبر عن وجهة نظره، كان من دون قيادة، وربما كانت هي الثغرة التي نفذ منها بعض من حاول إفراغ الانتفاضة من مضمونها.
قال الشعب المصري كلمته ومشى، ويبقى على القوى الفاعلة والمؤثرة، من مختلف مكونات المجتمع المدني أن توحد صفوفها في المستقبل، كما وحدت صفوفها بمواجهة سرايا البلطجية والمجرمين الذين عاثوا في الأحياء فسادا.