فرضت وسائل الإعلام الحديثة التي من بينها موقعا التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" وهجها على الساحة الدولية، وباتت بلا جدال الأداة التفاعلية المفضلة لكثير من الناس، وإن كانت فئة الشباب هي الأكثر استخداما لها.

ولا يمكن لأي صانع قرار أن يتجاوز اليوم ما تفرزه تلك المواقع والشبكات، من أفكار، ونقاشات، ورؤى بمختلف مستوياتها خصوصا فيما يخص القضايا المرتبطة بخبز المواطن البسيط.

ولعل نظرة سريعة لبعض مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن مستوى الحراك المطروح على مستوى الآراء أو الأفكار بين عدد لا يمكن حصره من المتواصلين الذين ينقلون لك أولاً بأول ما يدور في مجتمعاتهم خصوصاً ما يتعلق بالأحوال المعيشية وتقلباتها.

ولعل ما نقلته وسائل الإعلام أخيرا عن قطع السلطات المصرية للإنترنت، وقبل ذلك خدمة الرسائل القصيرة وحتى خطوط الجوال خلال أحداث ما سمي بـ"جمعة الغضب" يكشف حجم تأثير تلك الوسائل الحديثة على المسرح العالمي، حيث أصبح لها روادها ولغتها وتأثيرها الذي لا يمكن تجاوزه.

وإذا كان مجرد هاتف صغير يستطيع أن يجعل كل شبكات الإنترنت بين يديك في زمن تتنافس فيه الشركات لتقديم أفضل السرعات، فماذا عسانا نتوقع غير أن نصبح أمام مسرح اجتماعي تفاعلي عالمي يعج بالأفكار يديره الواحد منا بضغطة زر ليصبح رأيه مكشوفا في كل مكان.

وقد رد عليّ أحد الشعراء حين عاتبه صديقه على عدم تواصله في الآونة الأخيرة في نشر نصوصه بأنه لم يعد بحاجة سوى لمتابعة صفحته على "فيس بوك" كي يرد على رسائل رواد موقعه وهم بالعشرات ـ بحسب وصفه ـ، ولعل ذلك ينبئ عن تبخر كثير من ملاحق الشعر والأدب، ما لم تبحث هي الأخرى عن وسائل غير الورق.

وإذا كانت قنوات، وصحف، ومراكز بحثية، ومكتبات شهيرة كمكتبة الكونجرس الأميركية قد وضعت لها روابط على موقع الفيس بوك احتراما لشعبيتها، فكيف لنا أن نتجاوز في عالمنا العربي تأثيرها دون أن نلقي بالا لما يدور فيها من نقاشات يفترض أن تكون في بعض ملامحها مرآة عاكسة لصاحب القرار.

أتصور أنه بات لزاما على السياسي والاقتصادي والمفكر ورجل الاجتماع أن تتسع حدقتهم باتجاه تلك المواقع التفاعلية للوقوف بكل روية على ما يدور فيها في زمن تقوده التقنية صوتا وصورة وتعليقا، بدلالة الخمس سنوات الأخيرة التي مثلت فيها تلك الوسائل مصادر الخبر الرئيسة لدى الكثير من القنوات لتغطية كثير من الأحداث، وقد استطاعت من خلالها أن تحقق أكبر قدر من المتابعة.