قال المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان إن القول بإجازة إرضاع الكبير في العمل "كلام خطير ولا يصح". وأوضح أنه لم يتكلم في قضية "إرضاع الكبير" إلا بعد أن تم سؤاله في برنامج تلفزيوني، ووجب عليه أن يبين الحكم الشرعي وألا يكتم العلم، ومن ثم لم يذكر ذلك إلا في إطار إجابة على سؤال من أحد المشاهدين.
وزاد الشيخ العبيكان قائلا: إنه لا علاقة لهذه الفتوى بما سبق وتم الحديث عنه في فتوى سابقة لأحد المشايخ والذي أجاز إرضاع الكبير في العمل مباشرة.
قال المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان إنه لم يتكلم في قضية "إرضاع الكبير" ألا بعد أن تم سؤاله في برنامج تلفزيوني، ووجب عليه أن يبين الحكم الشرعي وألا يكتم العلم. مضيفاً أنه لم يذكر ذلك إلا في إطار إجابة على سؤال من أحد المشاهدين.
وأوضح الشيخ العبيكان: أنه لا علاقة لهذه الفتوى بما سبق وتم الحديث عنه في فتوى سابقة لأحد المشايخ والذي أجاز إرضاع الكبير في العمل مباشرة، معتبراً أن القول بمثل هذا الكلام "خطير ولا يصح".
وأكد العبيكان: أن الأصل في الرضاعة أن تكون في الحولين أي ألا يتجاوز عمر الرضيع سنتين لقول الله عز وجل: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (سورة البقرة آية 233)، ولكن أجاز بعض العلماء المحققين إرضاع الكبير في حالة خاصة, وهي ما إذا احتاج أهل البيت إلى كثرة دخول الكبير عليهم والسكنى بين ظهرانيهم، وبالطبع بدون أن يرضع مباشرة من ثدي المرأة وإنما تحلب له من ثديها في إناء، ويشربه خمس رضعات مشبعات للصغير كما جاء في النقل عن العلماء, وهذه الحالة تنطبق على من أخذه أهل البيت من ملجأ ولا يعرف له أب ولا أم فأرادوا تربيته وأن يكون عندهم مثل الولد، أو أن يكون شابا ليس له أقارب سوى أخيه ويضطر للسكنى معه ومع أسرته ويحصل الحرج بكثرة دخوله وخروجه وما شابه ذلك.
وبين العبيكان أن ممن ذهب إلى جواز إرضاع الكبير السيدة عائشة رضي الله عنها، ويروى عن علي وعروة رضي الله عنهما، ما يفيد بذلك، بالإضافة إلى أقوال، الليث بن سعد وعطاء بن أبي رباح، وأبي محمد بن حزم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم والصنعاني والشوكاني والشيخ محمد صديق خان والألباني والنجمي وغيرهم، وهؤلاء جميعهم استدلوا بقوله عز وجل: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}، (سورة النساء آية 23)، وعليه فإن الحكم بذلك يكون مطلقا غير مقيد بوقت، كما استدلوا بما رواه مسلم في باب رضاع الكبير عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني أَرَى في وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ - وَهُوَ حَلِيفُهُ. فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- « أَرْضِعِيهِ». قَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ » وفي رواية عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ في بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ - تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وإني أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِى حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- « أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِى حُذَيْفَةَ ». فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ" "[ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين ( برقم 4800)، ومسلم في صحيحه ( برقم 1453) وغيرهم واللفظ لمسلم ]
قال في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص408- دار العاصمة):"ورضاع الكبير تنتشر به الحرمة بحيث لا يحتشمون منه للحاجة لقصة سالم مولى أبي حذيفة وهو بعض مذهب عائشة وعطاء والليث وداود ممن يرى أنه ينشر الحرمة مطلقاً " ا.هـ
وقال ابن القيم :" فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات إخوتها، وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة رضي الله عنها أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها" ( زاد المعاد ج5 /ص555) والحديث رواه أبو داود في النكاح 2061 ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
وقال أيضاً: " المسلك الثالث: أن حديث سهلة ليس بمنسوخ، ولا مخصوص، ولا عام في حق كل أحد، وإنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة، ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثَّر رضاعه، وأما من عداه، فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة، فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال فتخصيص هذه الحال من عمومها، وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له" (زاد المعاد ج5 /ص593).
قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" (3/405-406 مطابع الرياض) : والأحسن في الجمع بين حديث سهلة وما عارضه : كلام ابن تيمية , قال : فإنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه ، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثّر رضاعه . وأما من عداه , فلا بد من الصغر. انتهى. فإنه جمع بين الأحاديث حسن، وإعمال لها من غير مخالفة لظاهرها باختصاص , ولا نسخ , ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث " ا.هـ
وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (ج6 /ص 373 - طبعة دار الحديث) بعد أن ذكر الأقوال في تحريم رضاع الكبير ما نصه: "القول التاسع : أن الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا فيما دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها منه وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا هو الراجح عندي وبه يحصل الجمع بين الأحاديث وذلك بأن تجعل قصة سالم المذكورة مخصصة لعموم ( إنما الرضاعة من المجاعة ولا رضاع إلا في الحولين ولا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام ولا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم) وهذه طريق متوسطة بين طريقة من استدل بهذه الأحاديث على أنه لا حكم لرضاع الكبير مطلقا وبين من جعل رضاع الكبير كرضاع الصغير مطلقا لما لا يخلو عنه كل واحدة من هاتين الطريقتين من التعسف كما سيأتي بيانه ويؤيد هذا أن سؤال سهلة امرأة أبي حذيفة كان بعد نزول آية الحجاب وهى مصرحة بعدم جواز إبداء الزينة لغير من في الآية فلا يخص منها غير من استثناه الله تعالى إلا بدليل كقضية سالم وما كان مماثلا لها في تلك العلة التي هي الحاجة إلى رفع الحجاب من غير أن يقيد ذلك بحاجة مخصوصة من الحاجات المقتضية لرفع الحجاب ولا بشخص من الأشخاص ولا بمقدار من عمر الرضيع معلوم. وقد ثبت في حديث سهلة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن سالما ذو لحية فقال أرضعيه" وينبغي إن يكون الرضاع خمس رضعات" ا.هـ.