قدمت المخرجة والممثلة أمل عمران على خشبة المسرح متعدد الاستعمالات في دار الأوبرا السورية، ولخمسة أيام متوالية، من الأحد إلى الخميس، الماضيين، مونودراما "امرأة وحيدة"، عن نص للكاتبين الإيطاليين داريو فو، وفرانكا راما. تقدم حكاية المسرحية تفاصيل يوم من حياة امرأة يتركها زوجها كل يوم وراء باب مقفل، بعد خروجه من المنزل. ولا يبقى معها في البيت سوى الشقيق المقعد لزوجها، وطفليها.
أما اتصالها بالعالم الخارجي فيكون عبر الهاتف المزعج لجار يراقبها بالمنظار ويضايقها باتصالاته، وعبر ضغوط فتى كانت تربطها به علاقة سابقة، والذي يحاول اقتحام المنزل عليها في نهاية العرض، وفي ثالثة الأثافي يطرق رجل الباب بحجة المطالبة بدين على زوجها.
أدت الممثلة ناندا محمد دورها كاملاً، وسط هذه الأقانيم الثلاثة، ووفق تقاليد الارتجال في مسرح داريو فو، وحسب متطلبات الظرف المسرحي والجمهور، والهدف دائماً هو تحريض المتفرج على إطلاق الأسئلة حول قضايا متطلبة للتفكير، ولذلك راوح العرض في طبيعته بين الكوميديا والتراجيديا معاً.
المخرجة أمل عمران أعدت النص الأصلي وفق مفردات بيئة اجتماعية سورية، كنافذة لطرح أسئلة عن وضع المرأة، بما يمكن من طرح أسئلة عن دور المرأة، وفق تجربة يستوعبها المشاهد المحلي، على غرار: من حدد للمرأة هذا الدور؛ الرجل، أم العادات والتقاليد، أم إن المرأة هي من حبست نفسها في ذلك الإطار الضيق، وهي نفسها من تملك الحلول لتوسيع أفق مشاركتها الإنسانية. تفاعل الجمهور مع العرض كان لافتاً، وهو دليل على وصول فكرة العرض التي أرادت المخرجة إيصالها إلى المشاهد، بإظهار معاناة أنثى تجاه عالم الرجل، من خلال السخرية، وعبر ما يشبه "ارتجالات" أدتها بإتقان وتفاعل الممثلة ناندا محمد. سوى أن بعض التفاعل اعتبر أن العرض هو نوع من الكوميديا، من خلال جرأة النص في طرح بعض حميميات امرأة كانت تعتقد أن ما تقوله أو تفعله هو سرها الخاص، وما وجود "المدام" سوى حيلة على النص لجذب المشاهد لمتابعة حوار افتراضي بقي حتى النهاية مونولوجاً وحيد المسار.
"امرأة وحيدة" عرض جيد، اتخذ من البيئة المحلية نطاقاً لأسئلته، لكنه أهمل وضع حدود واضحة بين الكوميدي والتراجيدي، مع جرأة كان أولى بالمخرجة التخفيف منها لصالح الإيحاء دون التصريح، فهو أشد وقعاً من تحويل معاناة تلك المرأة إلى نوع من الهزل.
يذكرأن العرض من إنتاج دار الأوبرا السورية، بالتعاون مع الوكالة الدولية السويدية للتعاون والتنمية سيدا، والمعهد الدرامي في استوكهولم.