أمام كارثة جدة الجديدة والمتكررة، لا يمكن لنا أن نشيح بوجوهنا عن هذه المصيبة، أعان الله أهل جدة عليها، وعظم أجرهم، ومنحهم أطنانا من الصبر لتحمل المصائب المتتابعة. فكرت: فيم أكتب، فوجدتني أعود إلى مقال كتبته قبل عام وأكثر من شهر. تأملت الدعوات، واستغفرت الله لذنبي، وجددت الدعاء، فأمنوا معي:
اللهم لا تمطر جدة ولو بحفنة من المطر حتى تمن علينا بشوارع مثل شوارع خلق الله كلهم، يمكنها تصريف السيول.
اللهم أمطرنا بمن يخاف الله فينا، فيُسخر الميزانيات الضخمة التي تصرف عاماً بعد عام من أجل تصريف السيول، فلا نرى إلا أن عروس البحر، باتت تغرق في ما دون الشبر من الماء، وكأن الفساد أراد لها أن تكون مدينة تكره المطر.
أيكره المطر؟! عياذا بالله. المطر لا يستحق الكراهية، فهو نعمة الله، ورزقه، لكننا بتنا نعلم قبلاً أن شوارعنا ممنوعة من الصرف. فجيوب المستفيدين ممتلئة بالصرف، وذممهم واسعة لا تغض الطرف، وأمانتهم منتهكة بكثرة الشفط واللهف.
اللهم كما يحب المسؤولون عن تصريف السيول في جدة، تصريفنا عن الحديث في الموضوع، فسخر لشوارعنا مع الأمطار شيئا مما استقر في نفوسهم مع الأموال العامة قبل الخاصة.
اللهم كما أن هؤلاء لا يعبأون بخلق الله، فاجعل طرق العروس لا تعبأ بالمياه والأمطار.
اللهم أرزق المهمومين بصغائر الأمور، شيئا من عدم اكتراث المسؤولين عن التصريف بشأن العامة والخاصة.
اللهم أغرق الفساد في بلادنا ضعفي الغرق الذي أصاب مدينتنا التي تخدم حجاج بيتك.
اللهم أكفنا شر الذين يحبون جدة، لأن في شوارعها الممنوعة من الصرف مصدرا لثرائهم.
اللهم أغنهم بكنوز الأرض، ولكن أصرفهم عن تصريف شوارعنا يا أكرم الأكرمين.
اللهم أرحم غرقى المطر، فإنهم كانوا يثقون بالمسؤولين عن التصريف، وأجز الذين لا يخافون في شوارعنا إلاّ ولا ذمة ما يستحقونه، بحق أيامك المباركة وبيتك المقدس الذين يقصد عبادك جدة في طريقهم إليه.
اللهم هذا الجهد... وعليك التكلان...