كبرت كرة الثلج التي انطلقت من تونس بعد الإهانة الشخصية التي تلقاها الشاب محمد البوعزيزي في بلدته سيدي بوزيد، لتصل إلى عواصم عربية أخرى, ربما تكون القاهرة أبرزها نظرا للثقل الشعبي الذي تمثله مصر، بالرغم من أن عدوى البوعزيزي غزت اليمن والجزائر أيضا.
وإذا كانت الأوضاع في هذه البلدان تختلف من حيث الواقع السياسي والديموجرافي إلا أن الأزمة متشابهة في الكثير من جوانبها خاصة في الفقر الذي يجمع السواد الأعظم في تلك الدول، وغياب الطبقة الوسطى في هذه المجتمعات التي انقسمت عموديا بين غالبية فقيرة وأقلية تمسك بنواصي الاقتصاد والاستثمار.
القاسم المشترك بين ما جرى كانت المواجهات. ففي تونس استطاعت ثورة الياسمين ـ وهو مفهوم يحمل نقيضه لأن ثورات الورد عادة ما تخلو من إراقة الدماء ـ من الإطاحة بالنظام القائم وهي مازالت تسعى إلى تنظيف السلطة من بقايا الحزب الحاكم. وفي مصر التي ما زالت التحركات في بدايتها، يدرك المسؤولون هناك خطورة ما يجري، فسعوا إلى توأمة التدابير الأمنية التي اعتقلت المئات حتى اليوم، مع فتح حوارات مع القوى السياسية، ولو عبر المحطات التلفزيونية لتبرير ما حصل من جهة، وفي نفس الوقت تقديم المزيد من التنازلات قد يرضى بها المتظاهرون.
ولكن، هل ما يريده المتظاهرون المزيد من الديموقراطية، والقليل من الخبز؟ أم أن البرنامج السياسي للمتظاهرين يتعدى ذلك إلى تغيير في النظام، يبدأ أولا في حل مجلسي الشعب والشورى ولا ينتهي عند إجراء انتخابات رئاسية حرة.
تلقى هذه التحركات الرضا من الغرب وتحديدا من الولايات المتحدة، وهذا ما يضع الكثير من علامات الاستفهام.