لا لا لا...، لسنا في حاجة إلى عالم نفس لتشخيص حالات الانتحار في عالمنا العربي منذ التونسي محمد بوعزيزي وحتى آخر من ستصيبه عدوى (الهبل)!.
النفس العربية ليست عصية على التحليل، ولا أعتقد أن مكوناتها من التعقيد بحيث تحتاج إلى عالم لفك شفراتها ولوغاريتماتها الميمونة!.
ببساطة شديدة، نحن شعوب لا تعرف إلاّ التقليد واستنساخ التجارب حتى فيما بيننا، وهذا يعني أننا لا نملك القدرة على الابتكار، والتمييز بين تجربة تنجح في مجتمع ما ولا تصادف نجاحاً في مجتمع آخر!.
ثم إن التخلص من الحياة على هذه الطريقة، ليس إلاّ اتباعاً للمنهج المكيافيللي السقيم المخالف للمنطق السوي، ومهما تحدث من تحدث عن (نبل) الغاية، يبقى أن هذا المنتحر أو ذاك، شخص مريض عقيم لم يدرك قيمة الحياة، بكل ما فيها من ألم وكفاح وإخفاق وإحباط، ولم يدرك قيمة النعم التي أودعها الخالق فيه، وأولها نعمة العقل!.
ولو أن كل من اسودت الدنيا في وجهه، في لحظة ما، في ظرف اجتماعي ما، عمد إلى التخلص من حياته، لذهب نصف المجتمعات العربية إلى الجحيم!.
وكيف يظن هؤلاء الذين قتلوا أنفسهم بغير حق، أن الأمل لا يتحقق إلاّ بإهدار النفس؟!. الآمال الكبيرة لا تتحقق إلاّ بسلوكيات كبيرة أيضاً، وليس جميلاً أن ينهي الإنسان حياته بيده، على هذه الصورة البشعة، ومهما كان الطائل من وراء هذا الفعل القبيح، فهو لا شيء، انتحار مجاني يخسر على إثره الدنيا والآخرة!.
المضحك المبكي في هذا الأمر أيضاً، أن محاولات الانتحار هذه لم تقتصر على العربي داخل بلاده، ولكنها امتدت (كما يتمدد الهبل في الدماغ المريض)، إلى المغتربين عن أوطانهم، فرأينا كيف حاول مصري في هولندا أول من أمس – كما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية - أن يحرق نفسه أمام سفارة بلاده هناك!.
....
نصيحة أخيرة أيها القادمون على طريق الموت: احرقوا أنفسكم أيها المجانين، فلن يكتب التاريخ إلاّ أنكم (منتحرون)، حتى لو التهمت ناركم (كراسي) السلطة، و:
يا جميلاً
كالسنابلْ
وحزيناً
كالمقاتلْ
حين يمسي
كالرصاصةْ
بين آلافِ القنابلْ
أنتَ لا تبدو جميلاً
إنْ تمتْ..
دون مقابلْ!.