يسألني موظف الجوازات في مطار دبي: قادم من أين؟ والحق أنني أجبته بدهشة تمتزج بلذة وأنا أنطق " أبها " ، ذاك أنها المرة الأولى من مشوار أسفار طويلة جداً أن أغادر مدينتي مباشرة في رحلة دولية إلى مطار أجنبي. وكل الخوف ألا تنجح هذه القصة إن انسحبت – fly dubai – من خدماتها المباشرة إلى بضع من مدن سعودية.

لماذا نذهب إلى دبي، رغم أنها محطة تسويق بجوار العملاق الضخم، وهو نحن؟ ولماذا كانت هذه (الدبي) رغم أننا نمتلك كل الإمكانات الهائلة التي تستطيع أن تصنع بيننا عشرين "دبياً"؟ الجواب في شيء أبسط أو أعظم مما يلي:

لأنها – الأستوديو – الفضائي الذي نذهب إليه لنرسل حوارنا لأهلنا ومجتمعنا، فجل الفضائيات العربية وسوادها الأغلب تعيش على التمويل السعودي وتعتمد على سوقنا الإعلاني الضخم. نتحدث من هناك كي يشاهدنا أهلنا على توقيت مكة المكرمة، لأنها – سوق التحويل – الضخم كمحطة ترانزيت اقتصادية إلى السوق العملاق الأهم. السيارة المستعملة تصل من تكساس إلى دبي كي تشحن إلى ثاني بلد على الأرض (نحن) في عدد السيارات قياساً بالحجم السكاني.

النظارة الطبية أو القمرية تأتي من الصين كي تستخرج (شهادة منشأ) من دبي تعيدها بالفهلوة إلى الماركات العالمية المشهورة. أخشاب البناء تأتي إلى دبي من كل غابات الدنيا ثم يعاد تصديرها إلى أكبر ورشة إعمار في العقد الأخير.

إنها ملابس أطفالي وألعابهم التي نشتريها من الحارة المجاورة لمنزلنا، ولأنها جل الأجهزة التي تتوزع غرفنا، فكل شركة تذهب إلى دبي كمركز إقليمي إنما تهرب إلى أقرب من تتمنى الوصول إليه: سوقنا الضخم وكثافتنا الاستهلاكية. حتى في ردهات الفندق، تشاهد عشرات السعوديين الذاهبين لمعرض دبي الصحي الضخم، وما هو المعرض؟ ولماذا كان هنا لو لم يكن هذا البلد سوق مئات الشركات المسيل للعاب والدهشة؟! حتى رجل الأعمال السعودي يذهب لدبي من أجل موعد مع نظير أو شركة. نحن سوق التعليم والإعلام والصحة والبناء والتقنية والعطور والنقل ونحن ثاني عشر أكبر ناتج محلي على هذه الدنيا بمئات المدن التي يفوق ربع بعضها كل مساحة دبي.

نحن نستطيع بكل جدارة أن نسوق كل شيء يخصنا من هذه (الدبي) وأن نبني مثلها بالإرادة في ظرف عام واحد بشرط وحيد: أن نضع في هذه المدينة أي سبب يدعونا للذهاب لدبي.