فقد رب أسرة سعودية وأطفاله الأربعة سكنهم بعد طلاقه من زوجته التي كان يقيم معها في ملحق لإحدى مدارس البنات في الرياض، حيث يعمل حارسا، ثم اتخذ لنفسه وأطفاله ساحات الحرم المكي سكنا.

وكشف رب الأسرة "سعد الحارثي" البالغ من العمر 50 عاما لـ"الوطن" أنه لم يعد لديه أي مورد مادي يقيه السكن في العراء، وقال: كنت أعمل حارسا بإحدى مدارس البنات الحكومية في الرياض، وأقيم مع زوجتي في ملحق تابع للمدرسة، لكن خلافا نشب بيني وبين زوجتي أدى إلى الطلاق، الأمر الذي دفع إدارة مدرسة البنات إلى الاستغناء عن خدماتي لكوني لم أعد محرما لزوجتي.وقال الحارثي: بدأت رحلة شقائي مع أطفالي الأربعة في البحث عن عمل ومكان يأويني معهم، غير أني فشلت بذلك، فقررت الرحيل بهم من الرياض إلى مكة منذ 3 أشهر بهدف أداء العمرة والدعاء إلى الله في حرمه الشريف أن يرفع عني ما أنا فيه من فقر وحاجة، غير أني بعد أدائي العمرة لم أجد مكانا آوي إليه مما اضطرني إلى وضع حاجياتي في أحد أركان الحرم، ثم تمكنت من شراء عربة جر يدوية أجرها بنفسي وأقوم بإركاب الطائفين والمحتاجين إليها مقابل 10 ريالات، وذلك لتوفير لقمة العيش لي ولأولادي. ويعيل الحارثي 4 من الأبناء أكبرهم بنت في الـ13 من عمرها، وهو يبدي قلقه وخوفه خشية التحرش والاعتداء عليها لكونه يتركها مع إخوتها لفترات طويلة دون رعاية منه.  وما يزيد طين الحارثي بلة أن عمله يعتبر مخالفا للنظام، وهو يتجنب الوقوع في أيدي أعضاء لجنة تسمى "لجنة الظواهر السلبية" مهمتها ملاحقة العاملين بصورة غير نظامية ومنع الظواهر المسيئة داخل الحرم الشريف، وتقوم هذه اللجنة بإحالة المخالفين إلى قسم شرطة الحرم، ويتم سجن المخالفين مع تكرار المخالفة. من ناحيته علق استشاري الطب النفسي بمستشفى حراء العام بمكة المكرمة الدكتور رجب بريسالي على حالة الحارثي بالقول: إن أعمار الأطفال المذكورين وجميعهم دون سن البلوغ يعتبرون من فئة الأطفال المشردين، وهذه حالة تؤدي إلى ضعف تقدير الذات لدى أطفال الأسرة كما أكدتها دراسة نفسية حديثة في عام 2009، والتي أوضحت نتائجها أن الأطفال الذين لا يملكون منزلا يأويهم يصبحون مع الوقت أكثر عدوانية من غيرهم كنتاج طبيعي لحياة الشارع، والتي تقوم على الصراع والقوة والتعرض للمخاطر بصورة متكررة، فينشأ لديهم سلوك يسمى في الطب النفسي (الشخصية السيكوباتية)، حيث تتميز تلك الشخصية بالافتقار الواضح للأخلاق والقيم، وأشار الدكتور بريسالي إلى أن أطفال الأسرة المذكورة يكونون عرضة لسوء استغلال من بعض ضعاف النفوس، من خلال إشراكهم في عمليات الجرائم الأخلاقية، كما أن الطفلة قد تكون عرضة للتحرش الجنسي بسبب غياب والدها لتوفير لقمة العيش لهم، والحالات التي وردت إلينا أكدت حدوث تلك الاعتداءات بسبب تلك المعطيات، وطالب الدكتور بريسالي بضرورة إخضاع أطفال تلك العائلة لبرنامج نفسي طويل المدى لإعادة تأهيلهم، ولإزالة الآثار النفسية والاجتماعية السلبية التي نشأت عن تشردهم، مناشدا وزارة الشؤون الاجتماعية بضرورة توفير سكن عاجل لهم، وبأسرع وقت ممكن، ومتابعة جميع الحالات المشابهة في مجتمعنا السعودي.