لايزال إنشاء سوق عربية مشتركة مفتوحة أمام أكثر من 300 مليون عربي على غرار الاتحاد الأوروبي هو التحدي الأكبر خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أن قادة الاقتصاد والمفكرين العرب الذين اجتمعوا أمس في بيروت خلال المنتدى الاقتصادي العربي أبدوا تفاؤلهم تجاه قيام هذه السوق.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن عام 2010 من المفترض أن يشهد بدء العمل نحو الانتقال من مرحلة منطقة تجارة حرة إلى مرحلة الاتحاد الجمركي العربي التي تهدف إلى توسيع حجم السوق وزيادة فرص الاستثمارات الأجنبية والمحلية في المنطقة وخلق المزيد من فرص العمل.
من جانبه طالب رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل أثناء الجلسة الثانية في المنتدى بأن يلقى مشروع السوق المشتركة إشراقاً وبزوغاً لدى الدول العربية، مثل ما حصل مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح الفيصل أن المملكة هي القادرة على أن تكون محور هذه السوق المشتركة الكبيرة نظراً لثقلها المالي والاقتصادي في المنطقة إذ إن ناتجها المحلي يمثل أكثرمن 25% من إجمالي الناتج المحلي العربي.
وأضاف الأمير تركي: "نعلم كلنا أن هناك من المرجفين من يصور لنا أن إقامة هذا المشروع من المستحيلات ونقول له أمامنا الآن أمثلة حية وهي الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي التي شرعت في العمل بتنفيذ السوق المشتركة."
واستعرض موسى في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أمس أهم المؤشرات التي تدل على تحسن التجارة البينية بين الدول العربية إلا أنه أبدى عدم قناعته بما تم تحقيقه وأن بإمكان الدول زيادة هذه الأرقام.
وأوضح موسى أن الاستثمارات العربية البينية تنمو بمعدل سنوي يبلغ 2.2% وسجلت أكثر من 34 مليار دولار في عام 2008، كما بلغت الصادرات العربية البينية بين الدول العربية في العام الماضي 85 مليار دولار وبلغت الواردات البينية 78 مليار دولار لنفس العام.
وقال موسى: "الجانب الإيجابي في هذه الأرقام يتضح بالمقارنة بمثيلاتها لخمس سنوات مضت. أما الجانب السلبي فيتمثل في أن بالإمكان مضاعفتها بقليل من التنسيق وإعمال التكامل الاقتصادي العربي وهو مالم نفعله بكفاءة بعد."
وقال موسى إنه سعيد برؤية الاستثمارات المصرية والسعودية والقطرية والكويتية والإماراتية تتجه نحو الدول العربية في إفريقيا مثل جنوب السودان، وأضاف أن الجامعة تعمل حالياً على وضع خطط للاستثمار في منطقة دارفور إضافة إلى جزر القمر.
أما فيما يتعلق بالتجارة بين العالم العربي وباقي العالم، أوضح موسى أن العلاقات مع باقي العالم تحسنت وبخاصة مع الصين التي قفز إجمالي التجارة بينها وبين العالم العربي إلى 110 مليارات دولار في العام الماضي مقارنة بنحو 36 مليارا قبل خمس سنوات.
وأضاف أن التجارة بين الدول العربية والبرازيل قفزت إلى ثلاثة أو أربعة أضعافها وكذلك هو الحال مع روسيا.
وتشكل روسيا والصين والبرازيل والهند مجموعة اقتصادية ناشئة هي مجموعة (البريك) وهي المجموعة التي يتوقع لها الخبراء الاقتصاديون في العالم ان تتفوق اقتصادياً على مجموعة الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أمريكا الشمالية (النافتا) خلال العشر إلى العشرين سنة المقبلة.