خارج تغطية مقص الرقيب وبعيدا عن سلطة الممنوعات وقيود المحظورات، تطير أفكار البرنامج الرشيق: (على الطاير) لتحط في عالم اليوتيوب، حيث تحلق الأفكار هناك دون حاجة إلى أجنحة لتنطلق دون عقال، وتعكس الفضاءات الرقمية أصداء تردداتها! بسرعة وعلى الطاير وفي مدة ست دقائق ونصف تقريبا، يأخذك "عمر حسين" ورفاقه المبدعون برشاقة وذكاء إلى حيث يعرض البرنامج لذعاته الناقدة وقفشاته البارعة والتقاطاته الذكية، لأهم ما يجري في ساحتنا! تشرق بك الأفكار الشبابية الطازجة واللقطات المحملة بالسخرية اللاذعة هنا وهناك إلى همك العربي ووجعك العام تارة، وتارة أخرى تُنقل بك الخطى إلى الهم الخاص حيث تضحك مع وعلى تناقضات مجتمعك وغرائبيات ثقافتك! وتضعك وجها لوجه أمام صوتك المشروخ داخل صدرك، والذي يفرج عنه "على الطاير" ويعبر عنه في تكثيف حاذق وذكاء وبراعة تستحقان الإشادة. أجمل ما في البرنامج وقرصاته اللاذعة أنه لا يوفر حدثا ولا شريحة ولا ينحاز لجانب دون الآخر، ولكنه يعمل مشرطه النقدي في كل اتجاه ويرسل مجاهره الكاشفة إلى حيث الممارسات الخاطئة أيا كان مصدرها، ثم يسلط عليها عدسة كاميرته المكيرسكوبية القادرة على التقاط أدق التفاصيل، ويعرضها في قالب ساخر جذاب ينتزع الضحكة بعفوية مدروسة دون استفزاز أو تجريح! "على الطاير" يؤكد وجود المواهب السعودية الشابة وقدرتها على الابتكار والإبداع واجتراح الأفكار الجديدة، فبمجهودات فردية ومعطيات وإمكانات متواضعة استطاع الشباب تقديم المدهش الذي يستحق الالتفات إليه والتوقف عنده، ولا أدري لماذا لا تستفيد قنواتنا الفضائية من هذه المواهب وتشرع لها الأبواب لتأخذ فرصتها؟!
وأعود للقول في زمن اليوتيوب والثورة الرقمية، لم تعد للأفكار أجنحة يمكن قصقصتها! بل تحولت الأفكار إلى صواريخ رقمية ترمي بشرر كل من يفكر في منعها والحجر عليها، وتحول مقص الرقيب إلى مقص بلاستيك لا يقطع ولا يمنع، والرهان اليوم على الشفافية وإلا فاليوتيوب حلال العقد الرقابية المستعصية!