يذهب الأخصائيون إلى أن الغيرة الشديدة تؤدي إلى اضطرابات في شخصية الطفل ونموه، فقد يظهر لدى الطفل السلوك العدواني والأنانية والانطواء وعدم المشاركة، وكل تلك الأمور تمثل الشعور بالنقص لدى الطفل، وفي المقابل يؤكد الاختصاصيون أن الغيرة في الطفولة المبكرة تعتبر شيئا طبيعيا حيث يتصف الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور، وذلك لإشباع حاجاتهم دون مبالاة بغيرهم، إلا أنهم حذروا في ذات السياق من كثرة إظهار القلق أو الاهتمام الزائد بتلك المشاعر.

قالت أم عمار إن لديها أربعة أبناء تعبت في فهم سلوكياتهم خاصة الأصغر حيث إنه يتشاجر كل يوم مع أخته الكبرى، ويصر دائما على أن يحصل على كل شيء قبلها.

وتصف أم عمار أن ابنها الصغير يحب أن يكون الأول قبل أخته في كل شيء، تقول "عندما نعود للمنزل قبل وصولنا يمسك نعليه بيده، ويتأهب إلى السباق للوصول إلى باب المنزل قبل شقيقته، والتي هي بدورها تتشاجر معه، فيما يرتفع البكاء بينهما لفترة من الوقت".

ويقول أبو فيصل إن ابنه الذي يدرس في الصف الثالث المتوسط كتب على باب غرفته إنذارا خاصا لجميع إخوته بمنع دخولهم دون الإذن منه، وأن من يدخل فسوف يلقى عقابا شديدا. وقد وصل الأمر به إلى أنه كتب على غرفته عبارات تهدد بقتل من يدخل بدون إذنه.

وقال الطفل فيصل أنه يقصد بذلك تخويف إخوته من التعدي على مقتنياته الشخصية داخل الغرفة، وأن عبارات القتل الذي كتبها على باب غرفته لايقصد بها القتل بمعناه الحقيقي، مشيرا إلى أنه بعد وضع تلك اللوحة التحذيرية عادت غرفته للهدوء من جديد.

وبحسب الأخصائي النفسي بمستشفى الطب النفسي بالمدينة المنورة ناصر الذبياني فإن "الغيرة تظهر بأسلوب تعويضي، حيث يخفي الطفل مشاعره الحقيقية، فيقوم بدور الممثل نحو أخيه المولود الجديد، ويبدأ في ضمه وتقبيله، ولكنه في حقيقة الأمر يود أن يؤذيه بضربه أو قرصه".

وأضاف "ربما يتحول ذلك إلى كراهيته لأمه بسبب اهتمامها بالمولود الأصغر منه إلى لفت النظر إليه، فيتظاهر بالمرض أو البكاء والعناد والانتقام أو الرجوع إلى أنماط سلوكية طفلية سابقة مثل العودة إلى شرب الحليب من الرضاعة أو التبول الليلي في فراشه، والتحدث بأسلوب طفولي، وكذلك مص الأصبع وقضم الأظافر والالتصاق بالأم والصراخ والغضب والعصبية، وتكسير الألعاب، والعبث بمقتنيات إخوانه والآخرين، وسرقتها، وكلما تقدم في العمر أظهر سلوكيات أخرى كالتجسس على إخوانه والوشاية بهم، وتحريض الأم والأب على إخوانه.

 وقال الذبياني إن من أنواع الغيرة الغيرة من المولود الجديد، والمقارنة بين الإخوة، والغيرة بين المعاقين، مضيفا أن من أسبابها تحميل الطفل مسؤوليات فوق طاقته، وكذلك العقاب الجسدي والنفسي، وعدم السماح للطفل بالتعبير عن نفسه، وعن مشاعره عند الأهل، والتدليل الزائد أو الإهمال الزائد، والتفرقة بين الأولاد والبنات، والمقارنة بينهما، وتفضيل أحدهما على الآخر، واهتمام الوالدين بالابن الأكبر وإهمال الصغير، والتعلق الشديد بالوالدين والمبالغة فيها.

وعن طرق التعامل مع هذه الغيرة نصح بإشعار الطفل بقيمته ومكانته في الأسرة، وتعليمه حب الآخرين، وكيفية مساعدتهم، وكذلك تعويده على المنافسة الشريفة، وزرع الثقة في الطفل، مع عدم التفرقة بين الإخوة أو تمييز أحدهما على الآخر، والمساواة في المعاملة بين الابن والابنة.

وذهب الذبياني إلى أنه في حال ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير، وإعطاء المولود عناية أكثر،  مؤكدا أن على الآباء والأمهات الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل، فلا يجوز إظهار القلق أو الاهتمام الزائد بتلك المشاعر، كما لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة.