في الواجهة: يحمل ـ محمد ـ شهادة البكالوريوس في العلوم الصحية، أنهى الجامعة ثم أنهى بعدها كل الأوراق المطلوبة للوظيفة بما فيها شهادات اجتياز اختبارات الهيئة السعودية للتخصصات الطبية. وهذا ـ المحمد ـ ليس إلا عوداً من حزمة طويلة وصلت طوابيرها لدفعات متتالية من طلبة كليات العلوم الصحية الحكومية وهم على قائمة انتظار بلا مبرر. ولوظيفة واحدة معلنة في الخدمة المدنية ينافس محمد مع مئة ملف في ذات التخصص. هو على هذا الحال منذ عامين.

في المقابل: تذرع طواقم التعاقد من وزارة الصحة عواصم الشرق والغرب حاملين آلاف الشواغر ثم تقول الأخبار المؤكدة إن الوزارة لم تستطع سد العجز المتوقع ولو حتى بالنصف لأن المنافسة في السوق بالغة الشراسة على تخصصات طبية مساندة. وكل القصة تختصرها حكاية (الأذن البعيدة) فالوزارة أو حتى جهاز الخدمة المدنية يضربون أكباد الطائرات إلى مانيلا وكلكتا فيما محمد وأقرانه من طوابير الدفعات الصحية الحكومية المتعاقبة ينامون على الملفات الخضراء في أبها والرياض وحائل والمدينة. وبكل صراحة، فقد عجزت أن أفهم الحكاية: لماذا تفتتحون كليات العلوم الطبية والصحية في كل الجامعات بلا استثناء إذا كان مفتاح الوظيفة يبدأ من الهند أو الفلبين.

في الواجهة: ثلاث عشرة ممرضة سعودية يعملن بشرف في أكبر مستوصفات المدينة الحكومية. يقول لي المسؤول السعودي عن المركز الصحي إن حالة أخلاقية واحدة لم تسجل على الإطلاق وهو الذي يعمل في المكان منذ سنوات. يتحدث المسؤول عن دقة الالتزام وعن جودة معيار المهنية وعن الكفاءة المتناهية لكل مواطنة سعودية تعمل معه: أخلاقاً وعفة وجودة عمل. هل يكفي هذا السجل النظيف لطمأنة مخاوفنا حول بعض طبيعة عمل المرأة؟.

في المقابل: يذرع سائق سعودي خاص جوف الليل كي يصل ببنات ثمان إلى مدرستهن معلمات على بعد 200 كيلومتر من المدينة. آلاف الجامعيات على طابور الانتظار في قوائم وزارتي التعليم والخدمة المدنية. وفي المقابل أيضاً آلاف الوظائف الشاغرة والمشغولة أيضاً واسألوا مسيرات وزارة الصحة. ومرة أخيرة عجزت أن أفهم: نمتلك مشكلتين جاهزتين من العجز في وزارة الصحة وفي الطفرة في التعليم مع أن كل مشكلة منهما هي الحل الجاهز المتاح للأخرى بشيء من التكييف والإرادة.