لا أعرف أين كانت وزارة التربية بتعاميمها وتوجيهاتها طوال سنة كاملة والأساتذة يجرون الاختبارات لطلاب المرحلة المتوسطة في المواد العلمية الواحدة بعد الأخرى وهم يضربون أخماسا بأسداس فيما يخص الآلة الحاسبة فبعضهم يوصي طلابه بعدم نسيان الآلة الحاسبة بل ويستعيرها لهم في حال نسيانها والبعض الآخر يشدد على عدم اصطحاب أو استخدام هذه الآلة ومدراء المدارس لا علم لهم بالأمر فيرجعون الموضوع لاجتهادات المعلمين الشخصية، وبعدها تقرر الوزارة أن تصدر أمرا في آخر يوم قبل الاختبارات بمنع استخدام الآلة الحاسبة حتى بعد أن ألفها بعض الطلاب واعتادوا عليها تحت مرأى ومسمع من أساتذتهم، بل إن بعض الأساتذة سيقعون في حيرة من أمرهم فهم لم يدربوا طلابهم على حل المعادلات وحتى البسيط منها دون الرجوع إلى الآلة، لذلك فهم فاقدو الثقة بأنفسهم وبقدرتهم على الإجابة (حتى وإن كانوا غير ذلك) بدون الاستعانة بالحاسبة، ولن يشفع للمعلمين في يوم الاختبار جملتهم المعهودة (تعليمات الوزارة) . أنا لا أدافع عن الآلة الحاسبة .. امنعوها أو نظموا استخدامها إن شئتم ولكن أعطوا الطلاب فرصة لاستيعاب الوضع الجديد ولا تفاجئوهم بالقرارات في يوم الاختبار ..

في الحقيقة ليست هي مشكلة الوزارة وحدها بل هي مشكلتنا جميعا .. نحن ما زلنا نعامل طلابنا وأطفالنا الآن كما كنا نعاملهم قبل عشر أو عشرين سنة، دون أن ننتبه إلى الفجوة الكبيرة التي حدثت بين الجيلين بسبب عوامل كثيرة أسهمت في خلق وتشكيل الوعي لديهم بشكل مبكر .. لذلك يجب علينا التعامل معهم وفق إدراكهم ووعيهم الجديد وإلا فلنسمح لهم أن يسخروا منا كما يسخر طلاب المرحلة المتوسطة من قميص هيفا الذي يتندرون به حتى أصبح أشهر من نار على علم . أم أنها طرفة مقصودة دست في كتاب الرياضيات للصف الأول المتوسط ؟ فإحدى المسائل في درس تحويل الوحدات تقول إن هيفا تحتاج إلى أربعة أقدام ونصف لخياطة قميص لها، أي قميص هذا الذي ستخيطه هيفا بأربعة أقدام أو بمتر وبضعة سنتيمترات إلا إن كانت (هيفا ما غيرها) هي صاحبة القميص المذكور. لذلك لابد أن نحترم كل المساحات التي أفردتها لأطفالنا الديموقراطية وحرية الرأي، لذلك .. لا يجب أن نقرر ونبت في أمور تخصهم دون الرجوع إليهم ودون أن نحسب لهم حسابا، ودون أن نقرأ مدى إدراكهم لما يدور حولهم . ويبقى السؤال الماثل الآن كيف سينظر الطلاب إلى وزارتهم التي تتعامل معهم بلا مبالاة؟