ألقت إيران الكرة في الملعب الأمريكي بعد توقيعها على صفقة تبادل الوقود النووي في تركيا في ختام محادثات على مستوى عال بين إيران والبرازيل وتركيا في طهران أمس، وعلى الرغم من التراجع الإيراني عن الشروط التي ماطلت فيها ولأشهر طويلة فإن الغرب مازال يواصل المساعي لفرض العقوبات لأنه يعتقد أن الأحرى بإيران أن تجري الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حسب مشروع فيينا وليس مع تركيا أو البرازيل وفقا لتصريحات وزير الخارجية الفرنسي.
واتفقت الدول الثلاث على أن يبقى الوقود النووي في الأراضي التركية وعلى أن يتم توجيه رسالة إلى الوكالة الدولية خلال أسبوع واحد بعد توقيع الاتفاق الثلاثي لإعلان استعداد إيران لتبادل الوقود النووي.
وأبدت أمريكا قلقها وقال البيت الأبيض أمس إن واشنطن وشركاءها الدوليين ما زالوا قلقين بشدة بشأن برنامج إيران النووي رغم أن نقل كمية من اليورانيوم المنخفض التخصيب من أراضيها مثلما وافقت على أن تفعل في أكتوبر المقبل يمثل خطوة إيجابية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبز في بيان "ينبغي لإيران أن تتخذ الخطوات اللازمة كي تؤكد للمجتمع الدولي أن الهدف من برنامجها النووي يقتصر على الأغراض السلمية".
ورحب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بالاتفاق ، معتبرا في الوقت نفسه أن إجراء مشاورات جديدة ضروري للرد على كل الأسئلة العالقة.
وقال القائد الأعلى لحلف الأطلسي في أوروبا الأميرال جيمس ستافريديس إن الاتفاق هو "تطور يمكن أن يكون جيدا" ، مضيفا "من الواضح أنه لا يزال أمامنا طريق طويل جدا".
وقال ستافريديس "أعتقد أن ما حدث هو مثال لما نتطلع إليه جميعا وهو نظام دبلوماسي يشجع على التصرف الجيد من قبل النظام الإيراني".
ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الاتفاق بأنه خطوة إيجابية ، معربا عن أمله أن تؤدي هذه الخطوة إلى حل الأزمة القائمة حول الملف النووي الإيراني.
وثمن موسى أمس المبادرة التي قام بها إردوغان والرئيس البرازيلي لمعالجة أزمة الملف النووي الإيراني.
وحول وجود تشكك إسرائيلي في الاتفاق رغم أن التفاصيل لم تتضح بعد ، قال موسى "إنه إذا كانت إسرائيل متشككة فهي حرة ، ولكن هذا لا يستدعي أن نشكك نحن أيضا".
وشككت مصادر إسرائيلية فى جدية أومصداقية تنفيذ إيران لاتفاقها ، فيما استقبل الاتحاد الأوروبي الاتفاق بتحفظ.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست للصحفيين، إنه "في حالة إعلان مجموعة فيينا استعدادها والتوقيع على اتفاق بينها وبين إيران فإننا سنرسل الوقود لترکيا خلال شهر"، مؤكدا أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% سيستمر في داخل البلاد.
وقال رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أکبر صالحي إنه استنادا للاتفاق الذي سيوقع لاحقا بين إيران ومجموعة فيينا فإن إيران ستوضع كمية الوقود الأولي کأمانة في ترکيا في إطار عملية التبادل.
وأضاف " بهذا الشکل فقد تم سلب الذريعة الوحيدة التي کانوا يتمسکون بها ولکن من وجهة نظرنا فإنهم من الآن فصاعدا سيبحثون عن ذرائع أخرى".
وينص الاتفاق الذي وقعه وزراء خارجية كل من إيران وتركيا والبرازيل خلال قمة استضافها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مع الرئيس البرازيلي ورئيس الوزراء التركي ، على نقل 1200 كلج من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب إلى تركيا مقابل حصول طهران على 120 كلج من الوقود النووي المخصب بنسبة 20% واللازم لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إنه ما من داع لفرض عقوبات جديدة على إيران بعد الاتفاق الجديد، وأشار إلى أن "اليورانيوم الذي سيتم الاحتفاظ به في تركيا سيكون محمياً بالكامل".
وأضاف أوغلو "لطالما شددنا على الحوار والمقاربات السلمية وعلى أن الطاقة النووية حق مؤكد لأي بلد".
واعتبر وزير الخارجية البرازيلي سيلسلو أموريم أنه لم يعد هناك أي أساس لفرض عقوبات على إيران.
وقال "نحن سعداء بالتوصل إلى الاتفاق بالرغم من أن الأمر كان صعباً". وأضاف أن ما حصل "يظهر أن الدبلوماسية والمحادثات هي الحل الأفضل".
ودعا الرئيس نجاد في كلمة له في افتتاح قمة مجموعة الـ15 في طهران أمس مجموعة 5+1 للحوار من جديد بعد توقيع صفقة تبادل الوقود النووي.
واستقبل الاتحاد الأوروبي الاتفاق بترحيب متحفظ وتأخرت ردات الفعل الرسمية من الاتحاد لوجود خبرات أوروبية سابقة حول إمكانية تراجع إيران في أي لحظة عن وعودها واتفاقاتها وعودتها إلى نقطة الصفر أمام أوروبا إزاء ملفها النووي، فيما قالت مصادر أوروبية ببروكسل إن مثل هذا الاتفاق سيعجل بلقاء مرتقب بين وزيرة خارجية الاتحاد كاترين أشتون وبين مسؤولين إيرانيين، لإزالة المخاوف الأوروبية من النشاط الإيراني النووي. واعتبر دبلوماسي غربي في فيينا طلب عدم الكشف عن اسمه أن الاتفاق لا يجعل طهران بمنأى من العقوبات الجاري العمل عليها في مجلس الأمن الدولي. وقال " لا مشكلة مع الاتفاق المتعلق بمفاعل طهران النووي المخصص للبحث العلمي، ولكن تأمين الوقود لهذا المفاعل لن يغير المعطيات في نظر المجموعة الدولية".
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن الاتفاق لا يساهم في تسوية جوهر مشكلة البرنامج النووي الإيراني ومواصلة طهران تخصيب اليورانيوم. وتحفظت الحكومة الألمانية بشدة في التعليق على تقارير بشأن الاتفاق.
وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية ، كريستوف شتيجمانز ، إنه لم ترد حتى الآن معلومات دقيقة حول الاتفاقية.
وذكر شتيجمانز أن تلبية طهران مطالب الأمم المتحدة والوكالة الدولية ستظل أمرا مهما بالنسبة لألمانيا.
المعركة الطويلة حول البرنامج النووي الإيراني
امتد النزاع الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني لسنوات، وفيما يلي الأحداث التاريخية المهمة التي شهدها:
• 29 /3/2006: مجلس الأمن يطالب بأن توقف إيران تخصيب اليورانيوم خلال 30 يوما.
• 23 /12/ 2006 : مجلس الأمن يفرض عقوبات على إيران.
• 25 /9/ 2007: الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يعلن أنه سيواصل تجاهل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
• 3 /3/ 2008: مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات أكثر صرامة على طهران.
• 8 /7/ 2008: إيران تهدد برد عسكري إذا جرى شن هجوم على منشآتها النووية، واختبرت صواريخ شهاب3 التي يمكنها أن تصل إلى أهداف في إسرائيل.
• 26 /11/2008: إيران تقول إنها زادت عدد أجهزة الطرد المركزي التي تحتاجها لإجراء تخصيب نووي إلى خمسة آلاف جهاز.
• 9 /4/ 2009 : أحمدي نجاد يكشف عن منشأة لتخصيب اليورانيوم في مدينة أصفهان.
• 5 /6/ 2009 : الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكشف عن تشغيل إيران لألف جهاز طرد مركزي آخر في منشأة نطنز.
• 27 /11/ 2009: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنتقد إقامة منشأة تخصيب يورانيوم إيرانية في مدينة قم.
• 16 /12/ 2009 : إيران تختبر صواريخ متوسطة المدى طراز سجيل2.
• 2/2/ 2010 : نجاد يبدي استعداده للموافقة على اقتراح يدعو إلى تخصيب يورانيوم إيراني بنسبة 20 بالمئة في الخارج، وتراجع عن موقفه بعد ذلك بأيام قلائل.
• 11 /2/ 2010: الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعلن فرض عقوبات أوسع نطاقا ضد إيران.
• 25 /4/ 2010: وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي يزور النمسا في محاولة لتفادي فرض عقوبات جديدة، لكن المحادثات مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو ووزير الخارجية النمساوي مايكل سبيندليجر لم تسفر عن أي انفراجة.
• 17 /5/ 2010: قبلت إيران بتخصيب اليورانيوم في الخارج.