جزاءً وفاقا على جريمة طفله النكراء وذنبه الذي لا يمكن اغتفاره بالتبول – اللا إرادي – على الفراش، قام الأب العطوف والمربي الحنون بحرق عضو طفله التناسلي ليرتدع ويؤوب إلى رشده، بينما اكتوى قلب الأم المطلقة عند رؤيتها للجريمة البشعة التي وقعت على طفلها الذي يعيش مع أبيه بعد الطلاق! الخبر الموجع السابق كان أحدث أخبار جرائم العنف الأسري على صفحات جرائدنا؛ والتي بتنا نتغمس بها في صباحاتنا ونتجرع لذع مرارتها مع رشفات قهوتنا كل يوم! فيما سيأتي – كما هو متوقع- عقاب الأب المجرم لا يتناسب مطلقا مع بشاعة جرمه ووحشية فعلته؛ كما اعتدنا في كل جرائم العنف التي كشفت صحافتنا مستورها! جرائم جرائم والمزيد من الجرائم الواقعة داخل البيوت في مجتمعنا كل يوم؛ وما خفي كان أعظم فمعظم حالات العنف الأسري لا يُبلغ عنها وتحاط بالكثير من السرية والتكتم خضوعا لثقافة العار والشنار من جهة؛ وتصبير المرأة على أوضاعها وحثها على الرضا بالمكتوب من جانب آخر! وهاهي دراسة أكاديمية بجامعة الملك سعود تكشف أن 70 في المئة من الزوجات المعنفات لا يلجأن لطلب المساعدة، وأن 84 في المئة من المتعرضات للعنف يطلبن الطلاق، وتتعرض 97 في المئة منهن للأمراض المختلفة، مما يزلزل طمأنينة الأسر ويؤدي لفشل الأبناء في دراستهم! على خلفية هذه المآسي تقام الندوات والملتقيات والمحاضرات التي تقتل القضية أخذا وردا وتعاطيا وتناولا، ولا نزال محلك سر نرواح مكاننا في مناهضة إشكالية خطيرة تفتك بأمن الأسرة وأمانها! ولا تزال الأقدام متشبثة بمرحلة الاعتراف بالمرض ومناقشته وتوصيف أعراضه بعيدا عن تفعيل حلول سريعة وحاسمة، وسن عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم العنف! تخرج معظم الملتقيات المخصصة لمناقشة هذه الظاهرة بقوائم طويلة عريضة من التوصيات التي تظل حبيسة أسطرها وحبرا على ورق بعيدا عن التبني والتفعيل! فيما تبقى المرأة والطفل؛ وهما من يقع عليه -في معظم الاحوال- فعل العنف والتنعيف، تحت سطوة سيف العنف وجرائمه البشعة في انتظار القوانين الرادعة والتدابير الوقائية الحامية! "ويا ليل ما أطولك" على المظلومين والمعنفين، فساعة تأخير في هذه الأحوال وليس يوما واحدا تفرق كثيرا وقد تحمل معها الموت الزؤام؛ وليس فقط أخطارا جسيمة على من يمارس عليهم العنف!

وما زلنا نسمع منذ العام الماضي عن قرب إقرار قانون يحد من العنف ضد المرأة والطفل ينتظر اعتماده من الجهات العليا؛ بينما يحرق من يحرق ويعذب من يعذب من النساء والأطفال ولا قانون يردع المرتكبين للعنف! وما زلنا نترقب وننتظر منذ سنين إنشاء محكمة الأسرة، ومشروع تطوير القضاء وتنصيص مدونة للأحوال الشخصية تحمي المرأة من الظلم الواقع عليها؛ وتقنن من خلالها الأحكام القضائية وتوضع فيه النقاط على الحروف فيما يخص حضانة الأطفال والنفقة وخلافه من القضايا الإشكالية.

ختاما: لايمكن إغفال دور مؤسسات المجتمع المدني في مناهضة العنف ضد المرأة والطفل إلى جانب القانون الرادع، وإلا سنظل نسمع كل يوم عن حرق طفل أو سحل زوجة!