كان وداع المنتخب السعودي لنهائيات كاس أمم آسيا الحالية مؤلماً، ولن تجفف آلامه مدامع محبيه وعاشقيه الذين لم تتوقف ينابيع دموعهم بعد أن شوه لاعبوه صور المنتخب الزاهية التي بنتها الأجيال السابقة بعرق الإخلاص والإرادة والطموح، وبقي الأمل العربي معقوداً على قطر والعراق والأردن في كسر التحدي والوصول للنهائي ونيل كأسه.

ولكون المنظم للبطولة الحالية قطر، فيحق لنا أن نصفها بمعجزة القرن بتحويل أحلامها لواقع، لتدخل في عالم الإبهار الدولي من خلال تنظيماتها المتعددة لجملة رياضات عالمية وقارية، ولم يكن هذا الإبهار مستهدفاً لقطر بل إن الرياضة فيها صنعت لتكون مصدراً ثالثاً للدولة بعد إنتاج الغاز والنفط، فما تنفقه الحكومة القطرية على الرياضة والقنوات الفضائية أصبحت عائداته تفوق ما أنفقتة الحكومة القطرية، إذ إن التنظيمات الرياضية أوجدت حراكاً اقتصادياً هائلاً في العاصمة القطرية، فالطاقة الاستيعابية لفنادقها المتعددة بلغت ذروتها في هذه الأيام التي تحتضن فيها نهائيات كأس أمم آسيا الـ 15، كما أن الحياة المعيشية تبدلت في الدوحة عن العام الميلادي 2005 التي كانت تاريخ آخر زيارة لي هناك، فهي تعيش طفرة اقتصادية كبيرة في وطن صغير المساحة لا يتجاوز عدد مواطنيه الـ 325 ألف نسمة، ومرد هذه الطفرة يعود إلى فتح الدولة على مصراعيها في الاستثمار الرياضي والترحيب بكل تنظيم رياضي دون استثناء، إلى جانب تخلصها من البيروقراطية التي كثيراً ما تفتك في دول الجوار لقطر، كما يقول أحد كبار المساهمين في تنظيم بطولة كأس الأمم الآسيوية، لتحول الحلم إلى حقيقة.

ولعل أكثر ما يميز المجتمع القطري وجعله ينهض بسرعة مذهلة بالرغم من تعددية تركيبته السكانية هو عدم تسلل العقد الأجنبية في مشاريع وأعمال أيا كانت درجتها، فهي ترحب بكل منتج دون أن تكون هناك أي عقدة اجتماعية أو نفسية لأي جنسية توكل لها مهام العمل في القطاعين الاقتصادي والأهلي والاستثماري.

فبعض دول الجوار لديها إمكانات بشرية هائلة وإنتاج قومي يفوق ما تنتجه قطر عشرات المرات إلا أن البيروقراطية والأعمال الروتينية وتعددية اللجان تقتل كل مشروع.

الدرس القطري وثورة إعلامه وتفجير طاقاته البشرية وتقوية بنيته التحتية تجعلنا ننطق بـ (الله يا قطر)، أين كنت واليوم كيف صرت وغدا ماذا ستصبحين!