إن حجم المنافسة في أسواق صناعة المعلومات، لم يعد يتوقف على مدى توافر الأدوات، والمعلومات في المقام الأول. وإنما أصبح يتوقف على كيفية الاستفادة من هذه المعرفة التي أصبحت في متناول مشارق الأرض، ومغاربها وكذلك أقصاها وأدناها.

المعلومة أصبحت متواجدة في أيدي جميع البشر على البسيطة، من أطفالها إلى شيوخها، ومن سادتها إلى عمومها، وإن ما يولد الفرق هو ماذا يمكن أن نصنع بهذه المعلومة؟ وهو السؤال يدفع بنا لسؤال قبله "من سوف يقوم باستقبال هذه المعلومة وتحويرها إلى قيمه تقدر بمال؟". نعم فإن أغلى سلعة على سطح الأرض هي المعلومة, إنها الأغلى على الإطلاق، وعلى مقدار ما تم صناعته من قبل صانعي المعلومات يتم تقدير سعر مخرجاتهم، إنها مثل التنقيب عن المعادن في الجبال, فالجبال متواجدة وملك للجميع ولكن من لديه المؤهلات لأن يكتشف ما بداخل هذه الجبال، والتنقيب عن معادنها هو من يفوز بفتات الوليمة، أما من يقوم باستلام المعادن الخام، ويقوم بصناعتها وتحويرها إلى ذهب، أو بترول أو الخ هو من يفوز بنصيب الأسد من الوليمة. أين نحن من هذه الصناعة، وما هي فرصنا ومقوماتنا؟ كل هذه الأسئلة والاستفسارات تتوقف على مقدار ما لدينا من خطط، واستراتيجيات لاستخراج كوادر بشرية مؤهلة للعمل في بيئة تقنية المعلومات للسنوات العديدة القادمة.

قد يذهلك كما أذهلني أن تعلم أن أكثر 10 وظائف طلبا على مستوى العالم هي وظائف لم تكن موجودة بالكامل منذ 4 سنوات تقريبا، إن قطاع تقنية المعلومات مبني من الأساس على أكتاف الكوادر البشرية القادرة أن تصنع فارقا لما تملكه من معلومات، المادة الخام موجودة، ولكن الصانع هو ما نهدف إليه. هناك فارق بل فوارق عديدة بين من تفرض عليه أدوات التقنية، ويعجز عن استخدام أغلبها، وقد ترفع القبعة في المجتمع لمن يجيد استخدام البعض منها, وبين من يقف، ويصنع أدوات للعالم، ويفرضها عليهم، هناك فارق بين من يأكل ومن يخبز.  

* الرياض