لم يمت سيد البيد، مثلما لم يمت الشعر والشعراء منذ امرىء القيس حتى يومنا هذا وإلى أن يشاء الله، سيبقى محمد الثبيتي فاصلة تاريخية كبرى في تاريخ الشعر الحديث، ليس في المملكة وإنما في الوطن العربي والتاريخ العربي، كان موهوبا حقيقيا أخلص لموهبته فأخلصت له فأنتج ما خلد اسمه في سماء الشعر. و لربما أن هذا الذي خلده هو الذي أودى به، فالثبيتي كما أعرفه كان يتمتع بحساسية مفرطة تجاه كل أمر في الحياة مثله مثل أي شاعر عظيم، وقد بدا لي بعد إصابته بالجلطة منذ نحو عامين أنه تعرض لما لم يتمكن الشعر من التعبير عنه فحصل الانفجار الكبير داخل رأسه الذي اعتاد أن يتلقى الصدمات فيحيلها إلى قصائد، إلا هذه المرة التي لم يجد لها تعبيرا أقل من الانفجار.
رحم الله محمد الثبيتي فقد تعب حيا وتعب مريضا، وغادر دنيانا بعد أن عطرها بأريج الشعر، لم يكن مكثرا فيما كتب من شعر لكنه كان عملاقا في كل ما كتب، ولهذا سيبقى مالئ الدنيا وشاغل عشاق الشعر إلى الأبد. ذهب الثبيتي وبقي شعره وذكره ولهذا لابد من توجيه الشكر العميق لنادي حائل الأدبي الذي بادر إلى الاحتفاء به فور مرضه وأصدر مجموعته الكاملة، والشكر موصول لكل من فكر وبادر إلى تكريمه وفي المقدمة وزير الثقافة والإعلام الذي وعد بتكريمه، ونادي الرياض الأدبي الذي فعلا أقام حفلا للتكريم، وطالب رئيسه بجائزة باسم الثبيتي يتولى النادي تنظيمها وتنفيذها، والمؤمل أن تتولى وزارة الثقافة والإعلام هذه الجائزة وتدعمها ماديا ومعنويا، فهي ستكون حافزا لقراءة شعره وتحليله وتناقله بين الأجيال.
لقد تألم أصدقاء الثبيتي ومحبوه وكافة المثقفين لمرضه أولا، ثم لفقده ولكن ماذا بأيديهم أن يفعلوا، لقد تنقل بين عدة مستشفيات دون جدوى، فجسامة إصابته منذ بدايتها حالت دون جدوى أي جهد لاحق، وقد كنت طرفا في بعض محاولات الإنقاذ التي لم يكن لها قيمة تذكر.
لقد ذهب الثبيتي إلى بارئه وبقيت أسرته التي عانت ما عانته طيلة العامين الماضيين وهي بين اليأس والرجاء، ومع توالي دعوات تكريمه التي هو جدير بها وأكثر كقامة شعرية عظيمة فذة، فإن الأمل كبير في وجود من يلتفت لأسرته المكلومة المحتاجة لمن يساندها في مواجهة ظروف الحياة، ولعلني أضم رجائي إلى رجاء الزميل هاشم الجحدلي في ندائه الذي وجهه إلى الأمير عبد العزيز بن فهد الذي عرف عنه وقفاته الإنسانية الرائدة مع المرضى والمعوزين والأيتام، وأسرة الثبيتي جديرة بوقفة من وقفاتكم الإنسانية يا أمير الإحسان.