كان أسبوعا مروعا في حياة الإسكندر ذاق فيه من الألم أكثر من طعنات الرماح التي خرق بها أجسام أعدائه وأصدقائه! كما قتل أحب الناس إليه وهو تحت نوبة جنون وخمر دارت بالرؤوس. كان الإسكندر، وهو من بلاد الصرب، مكدونيا مجرما قاتلا نهما في شرب الخمر، أبرز ما فيه حبه للقتل والقتال وسفك الدماء والترحال وفتح البلدان والاستيلاء على الخزائن والإماء والعباد! كما فعل مع العاصمة الجميلة برسيبوليس فأحرقها بدون مبرر بعد أن وضع في جيبه الإمبراطوري 180 مليون تالنت ما يعادل خزينة أميركا من الذهب هذه الأيام، ففارس كانت إمبراطورية تحتها 24 دولة تمدها بالمال والسلاح والرجال، ولكن جاء أجلها على يد هذا الفاجر الدموي الجريء في معركة جواجاميلا فقتل في خمس ساعات خمسين ألفا نحرا وذبحا وسلخا! هذا المغامر الأفاق والعسكري الدموي انتهت رحلته وهو شاب في بابل فسكر سكرة شديدة مع ضباطه في ليلة مع رقص الغواني والفساق والمثليين من الشواذ، فالإسكندر بذاته كان لوطيا مثليا عشق هيفايستون ثم قتله وندم وبكى على فعلته، لم يصبح الصباح عليه إلا وهو عليل، ولم ينته الليل إلا وهو في الفراش طريح ذليل، يهذي من الحمى، ويصيح ويزعق من وجع البطن وما من راق، كان ذلك مع نهاية مايو عام 323 قبل الميلاد، أخيرا دخل في ضعف وخمول، ثم تطور إلى خرس وذبول؛ فكان لا يستطيع أن يرفع إصبعه أو يأمر ضباطه المناكيد من حوله، ثم ارتمى في الفراش كالبغل الحقير، لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وهو الذي كان يقتل في المعركة الواحدة عشرات الآلاف، هنا لم يطل المرض فخطفه في عشرة أيام وهو يتلوى مثل الأفعى من الألم، ثم قبض عزرائيل روحه مثل أي فلاح مسكين، أو عسكري ذبحه في أحد الفتوحات، وسبحان من قهر عباده بالموت. ولأن هذا المجرم في عين الغربيين عظيما وهو عند الصالحين فاسقا شريرا؛ فلا يستويان مثلا، فقد قامت خبيرة الجنائية (ادرينه مايور) ومعها خبيرة السموم من جامعة ستانفورد (انتونيه هايس) في محاولة رسم سيناريو لموته، مع صورة تطور مرضه وآلامه وقبضة الروح، قالوا هناك أسطورة أغريقية تتحدث عن شلال مائي من نهر ستايكس، يفضي إلى الموت لمن غرف منه غرفة، وحددوا الكمية أو جرعة القتل بأن فعاليتها أقوى بعشرة آلاف مرة من السموم العادية، بسبب احتوائها على جراثيم من نوع (ميكرومونوسبورا ايشينوسبورا) فيها سم ناقع يفتت الحمض النووي في الخلايا يطلق عليه كاليشي آميسين (Calicheamicin)، ويكفي من هذه المادة للقتل ما يعادل حبة إسبرين أطفال. وينقلون عن مؤرخ أغريقي هو الشاعر هيسيود قوله: إن الماعز التي تأتي إلى هذا الشلال الذي يصب من ارتفاع 200 متر في صدع صخري من نهر ستايكس ولا تنتبه تنفق وتموت في وقت قصير. الشلال في جبل نيراي دوراشي. يروي هذه القصة أيضا المحليون من قوم مافرونيري، وتنقل أيضا أسطورة هذا النهر الذي يقود إلى عالم الموت السفلي عن الكاتب الأغريقي باوسانياس، فهل تسمم الإسكندر على يد قومه من هذه العين الحمئة؟ إن قناة الديسكفري روجت لمثل هذه المقولة، أم من قتل الإسكندر هم من أقرب الناس إليه؟ كما ثبت من تحقيق تسميم نابليون من مساعده الوفي الذي تبرع له بزوجته للفراش فأنجبت له نابليونة، عفوا هكذا روت الديسكفري، ولكن رفع القلم عن الفرنساوية، وحاليا اتفقت الباحثتان الأميركيتان مع شركة (والتر أليساندرو) الإيطالية في التحقق من صحة هذه المزاعم، حتى يتم الإعلان عن سبب موت الإسكندر المجرم بعد موته بأكثر من ألفي عام. القصة كما نرى جد، وليست بالهزل، فهكذا يبحثون ويشتغلون، ونفس الأمر حدث لموضوع قتل كليوباترة، إنها قتلت بيد أوكتافيوس حدا بالسيف البتار مع وصيفتيها، وليس بلدغة أفعى الصل البريئة، أكدت هذه أيضا باحثة جنائية أميركية درست الملفات وطارت بين أبي زعبل وخوفو ومنقرع والإسكندرية مدفوعة الثمن من متاحف أميركا في بحث قضايا أكلها الزمن وعفا عنها التاريخ.