أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن تطوير العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية من شأنه أن يسهم في معالجة الأزمات الناجمة عن الابتعاد عن مقاصد الأمم المتحدة وعدم الالتزام بالشرعية الدولية وازدواجية المعايير واتساع الفجوة التنموية والتقنية بين الدول، مبينا أن ما تتسم به العلاقات الدولية حاليا من نشوء تكتلات متعددة يوفر أرضية مناسبة لتعزيز روابط التعاون بين الصين والدول العربية لخدمة المصالح المشتركة. وقال الفيصل في كلمة المملكة أمام الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي بدأ في تيان جين جنوب العاصمة بكين أمس: إن العلاقات العربية ـ الصينية تخدم بشكل مباشر السلم والأمن، وتعزز الحوار والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والشعوب، وتعمل في سبيل بناء عالم متوازن يحترم التعدد والتنوع، ويكفل حقوق الجميع، ويكون قادرا على مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه البشرية.
وأوضح الفيصل: "نتطلع أن يتسم هذا المنتدى في دوراته المتعاقبة في وضع الآليات الملائمة والخطط الفعالة لتحويل هذه الرؤى إلى واقع ملموس في كافة المجالات والقطاعات، وإذا كان ما تحقق في إطار هذا المنتدى خلال فترة قصيرة يبعث على الرضا، فإن الطموح والفرص والإمكانيات لا تزال أكبر مما تحقق خاصة في مجال المشاريع المشتركة والاستثمارات المباشرة ونقل التقنية، فحجم اقتصاد الصين والدول العربية يتيح فرصا هائلة وواعدة ومثمرة للمزيد من التعاون، وبالتالي بناء علاقات استراتيجية متينة".
وأضاف: "لقد سعدت بلادي لاستضافتها ندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، والتي حظيت برعاية ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز". وأوضح أن هذا اللقاء يجسد الرغبة والإرادة الجماعية لبناء علاقات تعاون وشراكة استراتيجية بين الصين والدول العربية تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والتشاور الفاعل في سبيل خدمة السلام والأمن الدوليين، وتحقيق الرفاه لشعوبنا والاستقرار والنماء للاقتصاد العالمي. وتابع الفيصل: "أن المملكة تولي اهتماما كبيرا بتطوير علاقات التعاون والصداقة مع الصين التي تشهد نموا مطردا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ونأمل أن تسير العلاقات الصينية العربية عامة في نفس الاتجاه. وقد أسهمت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في المجالات المختلفة في تعزيز التعاون الاقتصادي ونمو حجم التبادل التجاري بين بلدينا الصديقين. ولا أدل على ذلك من أن الصين أصبحت منذ عام 2008 ثاني أكبر مصدر لواردات المملكة وثالث أكبر سوق لصادرات المملكة بحجم تجارة بلغ قرابة 41 مليار دولار. وأشار إلى أن الشركات الصينية تسهم حاليا في تنفيذ مشاريع تنموية داخل المملكة بلغ عددها 100 مشروع قيمتها 44 مليار ريال.
وبين أن الرغبة الصادقة من الجانب العربي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط تمثلت في تبنيه السلام خيارا استراتيجيا، وفي تقديمه مبادرة شاملة ومتوازنة للسلام مع إسرائيل تستند على قرارات ومبادئ الشرعية الدولية، لافتا الاهتمام إلى أن "هذه اليد الممدودة لا تزال تقابل للأسف بالمزيد من التعنت والرفض والتعطيل من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تتمادى في العدوان". وقال: "إننا في العالم العربي نقدر عاليا مواقف الصين الثابتة الداعية إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتحقيق السلام العادل والشامل. وحيث إن الصين من أبرز أقطاب عالم اليوم وتؤدي دورا مؤثرا في مجلس الأمن فإننا نتطلع دوما إلى المزيد من التفعيل لجهودها في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ومما يؤكد لنا أهمية وفاعلية الدور الصيني الإيجابي تجاه قضايا العالم العربي مساهمتها الإيجابية في حل أزمة دارفور ومشاركتها المهمة في مجموعة الخمسة زائد واحد لبحث الملف النووي الإيراني".