إما أن ننظر للجزء الممتلئ من الكأس ولو مجرد قطرة ماء، وإما للجزء الفارغ من الكأس..؟!

إنهما خياران نملكهما دائما في كل حدث أو موقف نعيشه في حياتنا المستمرة مع استمرار قرع عقارب الساعة على حائط الزمن وتدفقها مع خلايا أجسادنا، وأيا كان هذا الموقف عمليا أو أسريا أو عاطفيا أو مرضيا، ومهما انغمس بنا إلى داخل دائرة الغضب أو الإحباط أو الفشل والقلق، فهذه الرؤية المختصرة للأشياء والعلاقات والأشخاص ستحرضنا حتما على تضييق دائرة التردد والخوف، ومن ثم اختيار أقرب الحلول وإن كان مرّها أجدى من سُكّرها، فهذا أفضل من البقاء معلقين في الهواء بين السماء والأرض، لكن من المهم أن نندفع إلى الخيارالأحق بنا، إلى رؤية الجزء الإيجابي من هذا الموقف أو في تلك التجربة، مهما كان وقع اللحظة المحبطة، مهما كانت خسارتنا للأشياء أو فقدنا للأشخاص أو شعورنا بالخيبة لأننا وثقنا بمن لا يستحق الثقة، فالحياة تستمر ببساطة ولا نستطيع أن نوقف وجهة البوصلة الزمنية التي تحملنا دون أن تستأذننا، هكذا علينا أن نؤمن، وما وقوفنا على قارعة الطريق استسلاما لصنم اللحظة المحبطة إلا موت مؤجل يحولنا لمجرد مجموعة من التماثيل البشرية واقفة للـ"فرجة" فيما الآخرون يعبروننا مع الزمن ويتفرجون علينا.

هذه ليست مثالية، وهناك تجارب تعيش بيننا حطمت أصنام الإحباط واليأس والمرارة وحولت ذلك الحطام إلى وقود وطاقة اتجهت بهم نحو النجاح والتفوق وتحقيق الذات، فما المشكلة من تكرار المحاولة!؟ أليس هذا أجدى من البقاء"فرجة" للآخرين نتيجة وقوفنا!؟ كل ما يتطلبه الأمر هو برمجة عقولنا وانفعالاتنا للنظر بإيجابية للأمور، وستتحول العثرات والسقطات إلى خيارات متفائلة بحثا عن نقطة ضوء مهما كان الظلام حالكا، ولا أتجاهل أبدا أن ظروف حياتنا الاجتماعية بعبء تقاليدها وأعرافها، وعبء ماديتها الحديثة ومتطلباتها الباهظة تفرض علينا منغصات حياتية وسلوكيات وعادات يومية أُجبرنا عليها، ولكن هل نستسلم لروتينها الممل مثلا ؟أونستسلم لصنم اللحظة اليائسة فيها ؟ ثم لماذا نهدر وقتنا في روتين ممل آلي نمطي في كل أفعالنا منذ بداية الصباح وحتى النوم، في الأكل والشرب، في العمل، في البيت ، مع الزوجة، مع الأطفال، وتصفح العالم الافتراضي العنكبوتي لمجرد أننا لا نريد أن نواجه مشاكلنا ونوجد لها حلولا!! مع العلم أننا نمتلك الخيارات ومعها الحلول وقبل ذلك الوقت لتكرار المحاولة ونفض غبار الكسل والبرود والملل .

باختصار، اللحظة المرّة/ المحبطة في تجاربنا الإنسانية أشبه بصنم بليد لا ينفع ولا يضر! فحطموا هذا الصنم وحولوا حطامه وقودا يدفعكم للنجاح والإبداع، فالحياة تستمر.