عقد برنامج «بروكنجز للسياسات الأجنبية»، التابع لمعهد بروكنجز الأميركي للأبحاث، محاضرة حول التحديات في تنظيم التكنولوجيا الرقمية، خصوصا في مجالات الخصوصية وحماية البيانات، وذلك عن طريق مقارنة الوضع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وكشفت المحاضرة عن اختلافات في الأنظمة القانونية والتنظيمية والثقافات التي تساهم في منهجية لامركزية أكثر في الولايات المتحدة وحمايات أقوى للخصوصية في أوروبا.  وعلى الرغم من التوافق في مسألة قيادة تشريع خصوصية البيانات الفيدرالية، وكذلك المصالح والمبادئ الديموقراطية التي تربط بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة، والمخاوف من اختراق البيانات والخصوصية مستمر، ويأمل صناع القرار الوصول إلى حل لهذه المشكلة.  في حين أن معظم دول الشرق الأوسط حتى الآن لا تملك أي قوانين لحماية وتنظيم التكنولوجيا الرقمية، خصوصا حماية بيانات المستخدمين.

 


دخول الصين كمنافس قوي


يأتي ذلك في وقت تدخل فيه الصين كطرف ثالث في هذه المعادلة، خصوصا مع رغبة شركة «هواوي»، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تأسيس البنى التحتية للاتصالات بالجيل الخامس في عدد من دول العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي ترفضه تماما الإدارة الأميركية.  وقالت وكالة «بلومبيرج» الإخبارية إن ثلث دول العالم انضمت في الحرب الاقتصادية، التي تقودها الولايات المتحدة ضد شركة صناعة الهواتف الذكية والاتصالات اللاسلكية الصينية «هواوي»، التي تمثل أرباحها ثلث الناتج العالمي.  وقررت دول أستراليا واليابان وتايوان منع منتجات «هواوي» الخاصة بالجيل الخامس، في بنيتها التحتية الخاصة بالاتصالات، وتمثل هذه الدول نحو 32.6 % من الناتج العالمي، وفقا لصندوق النقد الدولي.





قوانين أوروبية حازمة


تضررت أكبر شركات «سيلكون فالي» الأميركية من الإجراءات الجديدة التي فرضتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبالغ عددها 28 دولة، فيما يتعلق بخصوصية استغلال البيانات الشخصية للمستخدمين من دون علمهم ومن أبرز المتضررين شركة «جوجل»، التي تكبدت خسائر بمليارات الدولارات خلال أعوام 2017 و2018 و2019، وذلك نظير مخالفات من ضمنها انتهاكات مكافحة الاحتكار، والممارسات غير القانونية في إعلانات البحث.  في ظل هذه الإجراءات فلن تكون «فيسبوك» أو «جوجل» أو «تويتر» في مأمن من الغرامات، لأن قواعد الخصوصية تعتبر الأكثر صرامة على الإنترنت في العالم، وتمنح المستخدمين أدوات إضافية للتحكم في المعلومات، التي جمعت وتجمع عنهم، كما ستتم معاقبة الشركات غير الملتزمة عبر فرض غرامات ثقيلة عليها.  وفي 25 مايو 2018، دخل قانون «لائحة حماية البيانات العامة» حيز التنفيذ في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وسيعزز القانون حقوق الخصوصية الفردية، والأهم من ذلك يفرض غرامات على الشركات تصل إلى 4 % من الإيرادات العالمية، أي ما يعادل 1.6 مليار دولار لشركة كـ»فيسبوك» مثلا.


فوضى الإنترنت


على الرغم من المخاوف الأوروبية من اختراق خصوصية البيانات، يبدو أن الصين أقل اهتماما لأنها تحظر أبرز المنصات الاجتماعية الأميركية وأبرزها «تويتر» و»فيسبوك» و»يوتيوب» وغيرها، إلا أن مشاكل الخصوصية ليست بالجديدة، فهو أمر تشكو منه الولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي بالكامل، وذلك منذ 2016 عندما اعترف الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» مارك زوكربيرج بظهور عناصر خبيثة تلاعبت في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، وخضع لجلسة استجواب بشأنها في مجلس الشيوخ الأميركي، مشيرا في تصريحات نشرت له مؤخرا إلى ثقته الكاملة بأن أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم ستحقق أداء أفضل في 2020، لمنع أي تلاعب.  وتقول وكالات مخابرات أميركية إن حملة انتخابات عام 2016 شهدت عملية روسية واسعة النطاق، للتأثير الإلكتروني على النتائج.  ونفت روسيا مرارا هذه المزاعم، الأمر الذي يطرح التساؤل مجددا عن كمية الفوضى، التي يعاني منها الإنترنت، وكيف يمكن لها أن تؤثر في صناعة القرار واستقرار الدول.  ودعا مؤسس «فيسبوك» الحكومات إلى لعب دور أكثر فاعلية في تنظيم الإنترنت، وحضّ دول العالم على تبني قوانين مماثلة لتلك التي أقرّها الاتحاد الأوروبي لحماية خصوصية المستخدمين.


الشرق الأوسط بدون قوانين


ما إن وضعت أوروبا القوانين الخاصة بحماية البيانات، حتى انتهجت الشركات الأميركية سياسة مخالفة تجاه الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي يعطي انطباعا بأن هذه القوانين آتت ثمارها، لكن بالنسبة للشرق الأوسط فإن «فيسبوك» مثلا استبعدت هذا الإقليم من السياسات الخاصة بها في هذا الشأن، وتقول أكثر الشركات المعنية بهذا المجال إن القوانين المكافحة لانتهاك الخصوصية والبيانات في الشرق الأوسط لا تزال دون المأمول أو معدومة في معظم الأحيان، ولا تمتلك كثيرا من الدول العربية أي قوانين تنظم مسألة الحقوق والخصوصية على الإنترنت، وحتى وإن وجدت، فإن حالات معاقبة منتهكي البيانات الشخصية قليلة جدا، فضلا أن معظم هذه الدول مستهدفة بشكل كبير من قبل «الهاكرز»، في حوادث الهجمات الإلكترونية.

ملخص القوانين الأوروبية لحماية الخصوصية في الإنترنت


تطبق القوانين أيضا على البنوك وتجار التجزئة أو أي منظمات تقوم بتخزين معلومات المستخدمين


 


شفافية الشركات حول كيفية التعامل مع بيانات المستخدمين


الحصول على إذن منهم قبل البدء في استخدامها


يحق للمستخدم طلب أو حذف معلومات عنه تحتفظ بها الشركة

عدم قانونية جمع معلومات عن الأفراد لأغراض إعلانية دون علمهم