مشبب حاضر



تأجيل الحياة أمر يحدث لدى كثير منا، يقع ونحن لا نحس به، البعض يولد ويموت وحياته مؤجلة، أولادنا يكبرون دون أن نستمتع بطفولتهم، لحظات كثيرة جميلة وسعيدة لم نتوقف عندها لنستمتع بها، نكبر ونحن لا نحس، الحياة تمر والعمر لا يتوقف، ما كنا نستطيع أن نأكله العام الماضي مُنعنا عنه لأنه لم يعد صحيا لنا اليوم، الرياضة التي كانت تناسبنا بالأمس لم نعد قادرين على ممارستها اليوم. أشياء جميلة كنا نستطيع أن نقتنيها ونشتريها سابقا أصبحت لا تناسبنا الآن. الضحكة التي انشغلنا عنها لم يعد لها اليوم طعم، بعض الأصدقاء والأحباب والأقارب رحلوا عنا وللأسف لم نشبع من الجلوس معهم.

سمعت أحدهم يقول: جاءتني هدية وأنا صغير، عبارة عن حذاء جميل -أجلّكم الله- فقررت تأجيل لبسه إلى أن يأتي العيد بعد تسعة أشهر لكي أظهر أمام الأولاد وأنا مختلف عنهم، ولما جاء العيد وجدت أنه أصبح ضيقا على قدمي، وبدل أن أفرح حزنت كثيرا. هذا المثال ينطبق على كل شيء، نؤجل الاستمتاع به من ملذات الحياة التي أحلها الله لنا. اجعل من وجودك سعادة لمن حولك، اجعل الخير الذي رزقك الله به سعادة لك ولأهلك. ما الفائدة من أن يصرفوا ما ادخرت بعد وفاتك وهم ساخطون وأنت لم تستفد منه لأنه أشغلك بجمعه؟. لا تؤجل سعادتك بالبخل على كل محتاج، سواء بمال أو مساعدة أو زيارة أو تفريج كربة، فوالله إنها السعادة التي لا تضاهيها سعادة، لا تترد في طرق باب من تحب والجلوس معه قبل أن تفارقه، والله إن الدنيا قصيرة ولا يبقى فيها إلا عمل صالح وذكر حسن.

استمتع بحياتك ومالك وصحتك قبل فوات الأوان، انتبه أن تؤجل حياتك. أخيرا.. أتعس الناس من عاش فقيرا ومات غنيا.