هكذا أنت، أينما تذهب وتحلّ وترتحل وتقيم.. تملأ واجهة المكان، مثلما أنت تملأ ذاكرة ملايين الناس وحياتهم وكل تفاصيلهم..
كل يوم أتأمل صورتك هنا، بجوار المنارة التي تنتصب شاهقة وسط أمواج شاطئ ثول المتلألئة، شاهدة على عصر جديد أدخلت إليه بلادك عبر بوابة العلم والتقنية والبحث والمعرفة..
هنا في نفس المكان الذي أكتب فيه الآن هذه السطور، وهو ذات المكان الذي تقف فيه بكامل جلالك وشموخك وأناقتك وعزّك، عزك بالله، مؤمناً به وبتعاليمه وبكل القيم التي أوصى بها الخالق مخلوقه الإنسان، وأول هذه القيم اللازمة للبناء وصنع الحضارة بعد الإيمان بالمولى ـ عز وجل ـ هو "العلم"، وكما قلتَ حفظك الله ورعاك: "العلم والايمان لا يمكن أن يكونا خصيمين إلا في النفوس المريضة"..
نعم، أتأمل صورتك كل صباح، وأنت تنظر للبعيد البعيد للغد الذي ترنو إليه وحلمت به مشرقاً مشمساً على بلدك والمنطقة والعالم.. وتبدو أنت أكثر طولاً بفكرك ونبلك وفروسيتك وأصالتك ونظرتك الثاقبة للمستقبل.
ومنذ اللحظة التي صارحتَ فيها شعبك بالعارض الصحي الذي اعتراك فجأة، لم تكن وحدك معتلاً، بل أكثر من عشرين مليوناً سعودياً سكنهم ذات الوجع وذات الإحساس الأليم بمرضك أزاله الرحمن عنك تماماً عما قريب إن شاء الله..
ولأنك تعرف محبتنا الخالصة لك ومدى تأثرنا بأي سوء قد يصيبك، تحاملت على نفسك وخرجت إلينا في يوم عيد الأضحى كي تبث فينا الطمأنينة عليك فنعيش بهجة العيد وفرحته، فيما كنت تكتم أنينك وتعبك بروحك النبيلة النادرة وتهدينا ابتساماتك ومداعباتك العفوية كأجمل عيدية يتلقاها الأبناء من أبيهم العطوف الحنون..
وعندما أقلعت بك الطائرة السعودية إلى نيويورك في رحلة علاج طارئة، وبينما أنت في مقعدك داخل الطائرة المحلقة في فضاء الله، كنتَ تمعن النظر بعيون قلبك من النافذة لتبصر أسراباً من الصلوات والدعوات والتضرعات صاعدة إلى الخالق الكريم خاضعة ذليلة وراجية متوسلة أن يمن الله عليك بالشفاء التام العاجل وأن يحفظك بعنايته ولطفه ويعيدك إلى بلادك وشعبك سالماً معافى بلا بأس ولا نصَب.
ولم يخيب الرحمن حسن ظن عباده به، فرأيناك أخيراً وأنت تسير على قدميك خارجاً من المستشفى بعد عمليتين جراحيتين ثم تستقبل ضيوفك وزائريك من رؤساء وقادة العالم ليخرج هم ثقيل كان يكتم أنفاسنا طوال فترة العلاج.
وكانت إطلالتك البهية بابتسامتك ذاتها التي نعرفها حتى إن "الكَاميرا" كادت أن تعانقك فرحاً وابتهاجاً وهي تنقل مشهد خروجك من المستشفى. كما هي ابتسامتك قبل هذا العارض الصحي الذي ألم بك بغتة عافاك الله منه ولا حرمك أجره وطهوره بمشيئة الكريم..
ابستامتك لم تتغير، فهي لما تزال شفافة وصافية كمياه النبع تبش بها في وجه كل من يقابلك وكانت هي أجمل منحة تقدمها لأبنائك وبناتك شعب المملكة مبتسماً لهم ابتسامتك الصادقة والطالعة من قلب لا يعرف إلا المحبة.. ولأنها، ابتسامتك تخرج من عميق فؤادك النظيف لم ينجح المرض أن يقتنصها فأفلتت من كمائنه لتزهر بربيعك أيها الملك وتهزم شتاء المرض بإذن الله.. وكيف لا ينتصر ربيعك أيها الملك الإنسان وأنت من تبث فينا قدوة الاعتدال طريقاً للخروج من كل الأنفاق المظلمة والمتاهات المعقدة وصولاً إلى تحقيق جوهر الدين بالمحافظة على النفس والإقبال على الحياة والتفكير في أمر المستقبل.
فسلاماً أيها الملك.. سلاماً على عفويتك الآسرة وتواضعك العذب وأصالتك العظيمة.. سلاماً ممزوجاً بالشكر الكبير على ما تقدمه لوطنك وشعبك.. وسلاماً عظيماً على كل جهودك وأدوارك ومبادراتك المحلية والعربية والعالمية ودأبك وعزمك وقوتك في إزاحة الخداع المهيمن على السياسة العالمية..
معك عرفنا أن الفرد الفرد ليس بدعة في التاريخ.. فبإمكان فرد أن يصنع حياة أمة.. ويجعلها أكثر ثباتاً واستقراراً في عز الأمواج المتلاطمة كما هو مشهد العالم حالياً وعصرنا هذا الذي يستدير كالإعصار.. ليس كلاماً وإنشاء ما أقول بل هذا كلام الأرقام والشواهد تفصح عن نفسها وعن مرحلة تاريخية تعيشها المملكة في ظل عبدالله بن عبدالعزيز.
-زيادة الـ 15% في رواتب موظفي الدولة.. وتثبيت زيادة الــ 5 % لغلاء المعيشة.
-الدعم اللامحدود للغذاء والسلع الأساسية خلال تضخم الأسعار إذ تكفلت بها الدولة.
-انضمام المملكة لمجموعة العشرين عالميا ضمن أهم الدول الاقتصادية.
-الابتعاث الخارجي تجاوز 120 ألف مبتعث ومبتعثة.
-إنشاء الجامعات أصبح بمعدل جامعة في كل 3 أشهر وتجاوز العدد 20 جامعة
-دعم بنك التسليف للإقراض بما يقارب 30 مليارا.
-إلغاء شرط تملك الأراضي في قروض صندوق التنمية العقاري.
-احتياطي النقدي للمملكة وصل 2 تريليون ريال وهو رقم تاريخي لم يتحقق في تاريخها.
-فتح المجال لحوار وطني واسع والمبادرة العالمية في حوار الأديان.
-إنشاء والتوجه لإنشاء المدن الاقتصادية (5 مدن).
-خفض أسعار الوقود للمرة الثانية بنسبة 25% ليصل إلى 45 هللة للتر الواحد بدلاً من 60 هللة لليتر الواحد.
-تطوير نظام القضاء ورصد ما يقارب 7 مليارات له، وتقسيم عمل المحاكم.
-إنشاء "الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد" و"الهيئة العامة للإسكان".
دمتَ بخير وعافية عبدالله بن عبدالعزيز.