لم يكن يعلم المقيم الأفغاني شير زمان ان قدره سيجعل منه مشهورا في وسط صحراء النفود الكبير خلال فترة إقامته فيها، وتصنع الصحراء منه شاعرا وتطبعه بأطباعها الكريمة والصبر على قسوتها. شير زمان كان قد وصل الى السعودية قبل 22 عام من مدينة خوست الافغانية (150 كيلو متر شرق كابل القرب من الحدود الباكستانية. وله أربع بنات وولد، وهو متزوج من امرأتين، ولم يشارك في الحرب الدائرة آنذاك، وعندما وصل كان عمره 28 عاما وعمل زمان الأفغاني لمدة عامين في (قصر العشروات) 40   كيلو جنوب مدينة حائل وسرعان ما تحولت رحلته من جنوب المنطقة الى شمالها وتحديدا إلى صحراء النفود الكبير والى "عليم العطش" 180 كيلومترا شمال مدينة حائل، وسمي "عليم العطش" ويقع بالمنتصف بين حائل والجوف، وسمي هذا الاسم نظرا لندرة المياه حوله فالراغب بالوصول إلى المياه يقطع 4 أيام مسيرا على الابل للوصول إليها إما إلى جبه أو الشقيق أو حفر النفود، وبعد إن حفر المرحوم محمد الدبشي أول بئر ارتوازية في عليم العطش وفتح مضافته وسقيا المياه هناك فأصبح يرد عليه قاطنو البادية وأراد صاحبه ان يقوم عليه رجل ذو همة فأختار زمان الأفغاني لهذه المهمة.وكان عمله إكرام الضيوف وتعبئة المياه لهم وسقاية النخيل القليل الذي زرعوه حول البئر بالإضافة إلى توصيته من قبل صاحب البئر جلب الذبائح وذبحها للضيوف القادمين من مناطق بعيده.سرعان ما أتقن زمان الأفغاني جميع المهمات التي انيطت به واندماجه مع أهالي البادية وأصبح مشهورا بسيارته التويوتا بك اب موديل 82 يزور أهالي البادية القاطنين حوله ويزورونه واصبح يحفظ قصائدهم "ويهيجن معهم" أهازيجهم ويلعب العرضة في صفوفهم. ويروي زمان الأفغاني لـ "الوطن" بعض المواقف الطريفة التي وقعت له خلال عمله، والتي من أشهرها تعرضه للضياع في صحراء النفود بعد إن أرسله كفيله لجلب 100 كيس اسمنت وكان الهدف بناء مسجد في العليم وذهب على "حصني" سيارة من نوع مرسيدس ذات دفع رباعي وكان قد قطع الطريق قبل تلك المرة 7 مرات الا ان الرياح اخفت معالم الطريق مما أدى إلى ضياعه لمدة 7 أيام في بحر من الرمال اقترب معها إلى حافة الهاوية، إلى إن وجده ابن أخ كفيله، الذي كان يبحث عنه.ومن ذكرياته الجميلة يروي زمان الأفغاني كيف انه صنع طريقين لصعود جبل العليم واحد للرجال والأخرى للنساء وكيف انه احتفل مع المدرسين في أول يوم لافتتاح مدرسة العليم بأن عمل مجلس في قمة الجبل، كما أنه قام بصنع "خبز الجمري" واطعم المدرسين الجدد في قمة الجبل احتفالاً بالمناسبة.وعن علاقته بقرض الشعر قال زمان الأفغاني انه قرضه من خلال تعامله مع أهالي البادية، فالشعر بالنسبة لأهل البادية يكاد يكون من ضمن قوتهم اليومي، مشيراً إلى أنه قرض العديد من القصائد الشعرية والتي ربما يعتبرها البعض طريفة نظرا لأنه يقولها باللهجة العربية المكسرة ولكنه يهمه المعنى ووصولها إلى المتلقي بسهولة.