هنوف الأحمري
أحدثت رؤية المملكة 2030 تغيرات متسارعة في المجتمع السعودي، حيث تم الانتقال من زمن لا للحفلات الموسيقية ولا للسينما ولا لقيادة المرأة للسيارة، إلى زمن الانفتاح والترحيب بالتغيرات لمواكبة العصر خلال فترة زمنية قصيرة.
كثيرون يشعرون وكأنهم انتقلوا من بلد إلى بلد آخر، لدرجة أن خبرة أحدهم أصبحت مشابهة -إلى حد كبير- لخبرة المبتعث سابقا عندما انتقل من السعودية إلى بلد الابتعاث قبل التغيرات الحالية.
سيكولوجية الإنسان بطبيعتها فريدة في التعامل مع هذه التغيرات، فقد يمر مجموعة من الأفراد بنفس الأحداث لكن تختلف ردود أفعالهم. تجد بعضهم لديه القدرة على التكيف مع أحداث الحياة المتغيرة والمضي بحياته قدما، والبعض الآخر يعلق في مرحلة الصدمة وعدم التقبل وتكون ردة فعله أقوى من المتوقع لنوع الحدث.
من منظور نفسي، نجد أن التغيرات، غير المتوقعة أو ربما المتوقعة، قد تسبب ردة فعل غير طبيعية ومفرطة لدى فئة من الناس. وردة الفعل هذه قد تكون أكثر حدة مما هو متوقع، الأمر الذي يسبب ما يسمى اضطراب التكيف أو الاكتئاب الظرفي.
إن التغيرات، على حسب نوعها، تربك هذه الفئة وتجعلهم مشوشين، مما يضعف أداءهم في المجتمع وفي عدد من جوانب حياتهم كالجوانب المهنية، الأكاديمية، الاجتماعية أو غيرها.
التشويش قد يكون بأشكال مختلفة كحالة مزاجية مزعجة، قلق، انتهاك للأنظمة، سلوكيات غير لائقة أو سلوك آخر يدل على عدم تكيف الفرد مع هذه التغيرات. أعراض اضطراب التكيف قد تختلف من شخص لآخر، وتختلف الأعراض مع الشخص ذاته مع اختلاف نوع الحدث الضاغط.
بعض الأعراض قد تشمل: الشعور باليأس، الحزن، البكاء المتكرر، القلق، العصبية، الانسحاب، العزلة من الناس، الأنشطة الاجتماعي، ومشاكل النوم، تغيرات في شهية الأكل، الشعور بالتعب، فقدان الطاقة، عدم القدرة على التركيز.
قد تؤدي كذلك إلى سلوكيات خطيرة أو مدمرة وغير معتادة من الشخص، مثل: التخريب والقيادة المتهورة. تميل الأعراض لدى الأطفال والمراهقين إلى أن تكون ذات طبيعة سلوكية، مثل: سلوكيات غير معتادة من الفرد كالغياب عن المدرسة، بينما يميل البالغون إلى أعراض عاطفية، مثل: الحزن والقلق. هذه الأعراض قد تؤثر على طريقة التفكير والطريقة التي يشعر بها الفرد عن نفسه وعن المستقبل وعن الحياة أو العالم الخارجي.
هذه الأعراض تعتبر ردة فعل نتيجة للتعرض لهذه التغيرات التي حدثت وما زالت تحدث في المجتمع السعودي. لإتمام التشخيص لا بد أن تبدأ هذه الأعراض بالظهور خلال فترة الأشهر الثلاثة من بداية حدوث التغير، ونادرا ما تستمر الأعراض لأكثر من ستة أشهر بعد وقوع الحدث الضاغط أو انتهائه.
معظم حالات اضطراب التكيف تنتهي في غضون ستة أشهر من حدوث الحدث أو انتهائه، إلا أنه في بعض الأحيان قد يسبب هذا الاضطراب آثارا طويلة المدى.
يُنصح من يعاني اضطراب التكيف بمراجعة مختص للخضوع إلى الجلسات النفسية أو العلاج الدوائي أو كليهما معا. إن الجلسات النفسية مع معالج (أخصائي) نفسي تساعد في تخفيف أعراض اضطراب التكيف والمساعدة على تحقيق مستوى أداء مماثل أو أفضل للمستوى السابق قبل حدوث التغير (الحدث الضاغط).
العلاج النفسي كذلك يساعد على تحديد أهداف قصيرة المدى وواقعية، لأن طبيعة الجلسات النفسية لاضطراب التكيف تكون قصير المدى.