عطفا على موضوع المقال الماضي تقول الكاتبة: (أما استشهاد البعض منهم بعبارات هامشية تقال في الشارع وليس على مستوى الأصعدة الرسمية أو الاجتماعية مثل (طرش البحر) أو (بقايا الحجاج) فهذه لغة البعض القليل كردة فعل لبعض الجهلة الذين يقولون أيضا (هادولا بدو ومتخلفين).. ولا أعتقد أن مثل هذه العبارات تستحق أن تطرح في حوار على طاولة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ولا تستحق أن تناقش أصلا لأنها عبارات أطفال، وليس كما عرفت أنها طرحت من قبل كتاب وأكاديميين يعتد برأيهم ويؤثر على المتلقين المتابعين خاصة لمن يقودهم برؤية تقدمية وطنية تجمع ولا تفرق وليس كما هو الحال).
وهنا تتماهى الكاتبة مع بعض الجهلة فتكرر مقولاتهم (هدولا بدو ومتخلفين) لتبرر لآخرين مقولتهم (طرش البحر) و(بقايا الحجاج) فما هو إلا ردة فعل، فيما لا تجد الكاتبة غضاضة في طرح عبارات الأطفال وتبريرها بوصفها بردة الفعل في صحيفة اعتبارية تقرؤها مختلف الشرائح الثقافية والمجتمعية! فيما لا ترى أيضا في العبارات العنصرية ما يستحق الطرح لعدم وصولها للأصعدة الرسمية، وكأن طرحها -رسميا - مسموح به في دولة مدنية حديثة يتساوى فيها المواطنون! وأتساءل هنا هل نوعية طرح الكاتبة تجمع ولا تفرق أم أنه (ليس كما هو الحال) حسب تعبير الكاتبة؟!
خصصت الكاتبة الفقرة الأخيرة من مقالها للاعتراض على موضوع الخوض في قضية الزواج وتكافؤ النسب، فهي في نظرها محسومة منذ زمن، ولكن الحسم والقطع لا ينحاز للدين الذي يفاضل بين الناس بالتقوى، ولكنه ينحاز للعادات والتقاليد العصبية! وفيما ترفع لواء الحرية؛ فكما لزيد الحرية في طريقة زواجه فأكيد لعمرو أيضا الحرية في اختيار آليات زواجه من البيئة التي تناسبه، تقفز فوق حرية زوجين عاقلين بالغين يكفل لهما الدين الحرية وحق الاختيار والزواج والطلاق، بينما تعبث العصبية بأمن أسرتهما وأمانها، فأين حرية الناس التي كفلها الدين لهم؟! كما أنها لا تلق بالا أيضا لحرية معضولات أخريات تعصف بهن رياح العصبية وتفرض عليهن العزوبية الإجبارية، لمنعهم من الزواج خارج النسب القبلي دون اكتراث بكفاءة الدين والخلق، وهي المعيار الأول الذي وضعه الإسلام! فالقضية المطروحة للحوار ليست قضية حرية زيد أو عمرو في اختيار آليات زواجه، ولكنها قضية تشتيت الأسر الآمنة وعضل البنات عن الزواج والاستقرار والسكن إلى أزواج ذوي دين وخلق!
وتختم الكاتبة قائلة: (أما فرض الفكر الآخر على بقية أبناء الوطن فهذا تطرف مرفوض وكل فئة تملك الحق في طريقه زواج أبنائها وليس من حق الآخرين التدخل في هذه الأمور الشخصية التي كفلها الدين لهم). ولا أدري عن أي دين تتحدث الكاتبة الفاضلة؟! أليس ديننا نفسه هو الداعي لنبذ العصبية المنتنة، وأليس هو صلى الله عليه وسلم الذي اتخذ خطوات عملية لاجتثاثها بتزويج ابنة عمته زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة؟ ثم زوج فاطمة بنت قيس لأسامة بن زيد وحالات أخرى غيرها لا يتسع المجال لذكرها هنا.. أم أنه نكوص وارتداد للعصبية الجاهلية الأولى؟!