أخذت أحداث تونس الأخيرة المكان الأبرز على الفضائيات العربية خاصة الإخبارية منها، وتنوعت أساليب العرض ما بين من تنقل بحيادية وبين أخرى تحريضية.. وفيما كان الرئيس التونسي يحاول تهدئة الأمور بخطبه التي وصلت ذروتها قبل يوم من مغادرته البلاد بإعلان عدم ترشحه للرئاسة عام 2014 وأن الحرية الإعلامية أمر لا يجوز المساس به.. كانت الفرصة متاحة لوسائل الإعلام العربية لاستغلال الوضع بما يحقق طموحاتها المهنية والجماهيرية.
ولعل "الجزيرة" من أهم الفضائيات التي تابعت الأحداث بالخبر والصورة والتحليل والحوار.. لكن ما يؤخذ على بعض ضيوفها الحدة والإسفاف في حواراتهم، فمن غير المقبول من المنسق العام لحركة كفاية المصرية "المناضل" عبدالحليم قنديل أن يصف في الحلقة الأولى لعام 2011 من "الاتجاه المعاكس" البرلمانات العربية بـ"دورات مياه تقضي فيها السلطات حاجتها عند اللزوم".. ويشتم "المناضل" ذاته في معرض تحيته للشعب التونسي زوجة الرئيس واصفا إياها بـ"الكوافيرة"، وكأن "الكوافيرة" مهنة دونية غير أخلاقية تجلب العار في مفهومه النضالي.
وبعيدا عن مهاترة القيادي في "كفاية"، استضاف فيصل القاسم في الحلقة التالية من "الاتجاه المعاكس" الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي والإعلامي التونسي برهان بسيس في حلقة لم تكن موفقة إذ امتلأت بالصراخ من أولها لآخرها.. العربي يهاجم الأنظمة عامة والنظام التونسي بصورة خاصة، وبسيس يدافع باستدلالات تاريخية ضعيفة قادت خصمه للتشكيك في عقيدته، فثارت حمية بسيس واستغلها فرصة لكيل الشتائم على "العربي".. شتائم كان أقلها اتهامه بالكذب والخيانة.. بدأها بصوت عال ولم يختمها إلا مع نهاية الحلقة التي لم يتصافح ضيفاها في ختامها.
في ركن آخر من "الجزيرة" كان علي الظفيري يقدم طقوسه الهادئة عن تونس "في العمق"، وفيها ظهرت مجموعة من الحقائق غير المعلنة وانكشفت الشعارات الهلامية عبر معلومات وإحصاءات وتقارير دولية دقيقة وخبراء متمكنين من أدواتهم، فكانت حلقة تستحق التقدير.