مسفر الوادعي
أبو رغال شخصية عربية جمعت كل ذميم ودميم، فلا يصفها واصف إلا ذكر عجرها وبُجرها، لُعن حيا ورُجم ميتا. دخل التاريخ من أظلم أبوابه وأحطها قدرا، فلُعن بفعله المشين في دلالة أبرهة في طريقه لهدم الكعبة فاستحق رجم المار بقبره.
صورة أخرى: أعرابي حج بيت الله الحرام فتعجب من كثرة الحجاج والعُمّار، وأراد أن يذكره القاصي والداني فعمد إلى بئر فبال فيها، فلعنه التاريخ وسارت بلعنته الركبان.
التاريخ شاهد لا يكذب، وشهادته إما لك أو عليك بأن تدون في صحيفة الناجحين الباذلين المميزين، وإما أن تدون في صفحات اللعنات والهوان وسيئ الفعال.
صورتان من التاريخ لرجلين من عوام الناس استحقا الهوان والذلة بفعلهما، فما بالك بمن هو أعلى من ذلك.
تعجب ويزداد عجبك من رجل أو امرأة يختاره الله تعالى ويصطفيه فيتبوأ مركزا لخدمة الناس، فتراه لا يجد مسلكا للتضييق على عباد الله إلا سلكه، يُستعاذ بالله من رؤيته حاله كلحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا صعب فينتقل. إن تفوه نطق بمنكر القول وأغلظه، وإن سكت فعبوس قمطرير.
وما هي إلا سنوات قلائل ويُرمى في مزبلة التأريخ وتُحل عليه لعنته ويرُمى كرمي أبي رغال ويشتم كشتم الحجاج لمدنس زمزم.
وفي المقابل مسؤول آخر يعمل ليلا ونهارا، سرا وجهارا، لإرضاء الله تعالى أولا وضميره ثانيا وولي أمره ثالثا. يخطط لراحة الأجيال القادمة ويرتقي بالأجيال المعاصرة كالبحر لا ساحل لإنجازه وعطائه، يخطط بهدوء ويعمل بصمت وينجز بإتقان. يحمل صغير القوم وضعيفهم، ويوقر كبيرهم ويكرم سيدهم. له قصة حب وغرام وعشق وهيام بعمله وبيئته، يألف ويؤلف. الإنجاز شعاره، والإتقان دثاره، إن تحدث أسمع، وإن عمل تابع، وإن أدّب أوجع. فبهؤلاء ترتقي الأمم وتتحقق التنمية، وعليهم تعقد الآمال، وإليهم تشرئب الأعناق. كالغيث أينما حل نفع، يتقاعد من عمله فيزداد محبوه لكونه دخل التاريخ من بوابته المشرقة، فتربع على عرش الإبداع، وحمده القاصي والداني.
فأي المسؤولين أنت؟! هل ستذكر أم ستُلعن؟!