لعبة خطرة تلك التي تمارسها رؤوس بعض الأقليات في عالمنا العربي، حينما تتهم الأكثريات بما ليس فيهم، بغية السطو على حقوق غيرهم، فتتجلى صور الانحراف الفكري في أسوأ صورها!.

فمثلاً: المسيحيون في مصر يعتبرون مواطنين كالمسلمين تماماً: لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، دون النظر إلى الانتماء الديني، لأن الدين لله والوطن للجميع، وتلك هي الرؤية التي ينبغي أن يتعايش على أساسها الناس في البلد الواحد، تماماً كما تتشكل مجتمعاتنا العربية من مذاهب مختلفة تحت راية الدين الواحد، فلكل إنسان حرية اختيار مذهبه دون أن يشكك أو يقلل أو يكفر أو يحقر من مذهب الآخر، لكن الطامة الكبرى تأتي حينما تحاول الأقليات الدينية أو المذهبية اللعب على أوتار (الاضطهاد)، و(التهميش)، و(سلب الحقوق)، وما إلى ذلك من شعارات زائفة يبتغون بها (الركوب) على أكتاف الأكثريات بغير حق!.

ويبلغ التطرف مداه حينما تجد هذه الأقليات تسعى جاهدة لتقسيم الوطن الواحد، كما أعلن أقباط المهجر المصريون عن تأسيس دولة دينية للأقباط في مصر!، وتراهم يشعلون الفتن بتصريحات استفزازية كما فعل رجل الكنيسة الثاني في مصر الأنبا بيشوي بإعلانه أن مسلمي مصر (ضيوف) على أقباطها!، ثم يلوح بـ(الاستشهاد) إذا حاولت الدولة الإشراف على شؤون الكنيسة (التي تقول تقارير عدة إن بعضها تحول إلى مخازن سرية للأسلحة)، وكأن الكنيسة دولة أخرى داخل الدولة!، ثم يطالب بعضهم بالسماح للمسيحيين بتقلد منصب رئيس الجمهورية...!، أرأيتم عجباً أكثر من ذلك؟!. مصر الإسلامية التي لا تزيد نسبة المسيحيين فيها - بحسب بعض الإحصائيات - عن 5% من عدد السكان يرى بعضهم أن من (العدالة) أن يحكمها مسيحي!. ولا أدري هل ستتحقق هذه العدالة بالانتخابات (وهو أمر مستحيل) أم سيهبط الرئيس المسيحي على مصر بدبابة أمريكية!.

أتراهم بحاجة للتذكير بما جاء في كتابهم: "ولماذا تنظر القَذى الَذي في عينِ أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلاَ تفطن لها؟"!.

الحقيقة أننا في مصر أمام أفكار منحرفة يصنعها من يدعون أنهم ضحية بسبب أقليتهم، بينما يصبون الزيت على النار، بمحاولاتهم الدائمة لتجاوز الواقع المنطقي والحقيقي، ظناً منهم أن الاستقواء بالغرب سيجعلهم يرون أوسع مما تستطيعه أحداقهم الضيقة!، وهي نفس الرؤى المتطرفة والإرهابية التي يطلقها بعض الذين ينتسبون للإسلام حينما يرون أن المسيحي مواطن من الدرجة الثانية!.

العقلاء فقط (من الجانبين) هم الذين يستطيعون إخماد الفتن التي قد تنجم عن مثل هذه الأفكار المسمومة، ليعيش الجميع في (وطن واحد)، بروح وطنية واحدة جمعت بين المسلم والمسيحي قروناً طويلة في مصر تحديداً. أولئك العقلاء هم فقط من يدركون أن البحث في أسباب الإرهاب لا يعني التحريض عليه أو تبريره، ولكن ماذا نقول لأصحاب العقول النيئة؟!.