لم تكن خطوات مكافحة الفساد التي أصبحت ملموسة على أرض الواقع غائبة عن الجميع في كل يوم يمضي، حيث أكدت القيادة عزمها المضي قدما بالخطوات الجادة التي تتخذها في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد تنفيذا لتوجيهات الملك سلمان وولي عهده.
أعادت اللجنة العليا لقضايا الفساد العام لخزينة الدولة 400 مليار ريال تتمثل في أصول عدة من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغيره، وذلك تعزيزا لمبدأ سيادة القانون، وتأكيدا لأوامر خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، بمحاسبة ومساءلة كل من تورّط في أي من قضايا الفساد، سواء أكان أميرا أم وزيرا أم أي شخص بصرف النظر عن صفته، وقد أنهت اللجنة أعمالها بالأمر الملكي رقم أ/38 بتاريخ 15 صفر 1439، وفقا للبيان الصادر من الديوان الملكي في 24 جمادى الأولى 1440، بإخلاء سبيل من لم تثبت عليهم تهمة الفساد، بعد استدعاء 381 شخصا، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم، وإجراء التسوية مع 87 شخصا بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم للتسوية، وإحالة 64 شخصا إلى النيابة العامة لوجود قضايا جنائية أخرى عليهم، أو لأنهم لم يقبلوا التسوية لمعاملتهم وفق المقتضى النظامي. إن الفساد كان وما زال آفة مجتمعية تواجه كل الدول بلا استثناء، فالفساد ظاهرة نفسية ترتبط برغبة إنسانية في الحصول علي مكاسب مادية أو معنوية من دون وجه حق وبطريقة غير مشروعة، فهو عمل غير أخلاقي وغير قانوني يقوم به الشخص للحصول على مكاسب شخصية، ويشكل خطرا على المجتمع وأمنه، وينعكس سلبا على القيم الأخلاقية والعدالة والمساواة وسيادة القانون.
يقول المؤرخ الإنجليزي «اللورد أكتون»: «القوة تؤدي إلى الفساد، والقوة المطلقة تؤدي إلى الفساد المطلق». لذلك نجد أن أصعب أنواع الفساد هو ما يأتي من أشخاص وثق فيهم ولاة الأمر والشعب، وأعطوهم الثقة التي هي بمثابة قوة لتحمل مسؤوليات كبيرة تتعلق بمقدرات البلاد، ولكنهم لم يكونوا على قدر من الثقة المعطاة لهم وخانوها، واستعملوا القوة في غير محلها، بالتالي كانت تنحية الفاسدين جانبا واجبا، ومحاسبتهم حسابا شديدا لكي يضرب بهم المثل لعل غيرهم يتعظون.
في مقولة للفيلسوف الصيني (كونفوشيوس) مضمونها: «إذا صلُح القائد فمن يجرؤ على الفساد؟!»، من يجرأ علي الفساد الآن تحت قيادة الملك سلمان، وولي عهده، بعد إعلاء قيم العدالة والنزاهة.