قدمت دار الأوبرا السورية (الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون) أول عرض أوبرالي متكامل بنكهة صينية. وفي المؤتمر الصحفي الذي عُقد بمناسبة احتفال العيد السادس للدار قالت مدير عام دار الأسد للثقافة والفنون الدكتورة حنان قصاب حسن: إن عرض الأوبرا الصينية "توراندو" في مسرح الأوبرا، ولمدة ثلاثة أيام متواصلة تمتد من الخميس إلى السبت، يأتي في إطار الاحتفال بالعيد السادس لافتتاح الدار، وهو حدث استثنائي، وفاتحة تعاون مثمر بين أوبرا الصين، وأوبرا دمشق. وأضافت: تشارك سوريا في هذا العرض من خلال "جوقة ألوان" للأطفال التي يديرها حسام الدين بريمو، وعشرة موسيقيين قام بتدريبهم ناهل الحلبي، فضلاً عن مجموعة راقصين من فرقة "إشارات"، التي يدربها راسم عبد الله. كما عبر السفير الصيني بدمشق لي هواشين خلال المؤتمر الصحفي عن سعادته البالغة بعرض الأوبرا الصينية في دمشق، معتبراً إياه حدثاً فنياً وثقافياً كبيراً في سجل العلاقات الثنائية بين البلدين. و"توراندو" هي إحدى حكايا  شهرزاد، نسجها أوبرالياً المؤلف الموسيقي المشهور الإيطالي جياكامو بوتشيني، الذي مات ولم يكملها، إلا أنها عرضت لأول مرة في أبريل من عام 1926، بعدما أتمها المؤلف فرانكو ألفانو. وهذه الأوبرا مبنية على مسرحية كارلو غوتس، التي تعود إلى عام 1762، والتي تحمل الاسم نفسه، وهي مقتبسة عن كتاب ألف ليلة وليلة، بعد إعطائها خصائص صينية.

وتقول قصة "توراندو" إن أميرة من الصين تدعى (توراندو) كانت ذات منصب وجمال، تقاطر الكثير من الأمراء لخطب ودها. فاشترطت على من يأتي لخطبتها أن يحل ثلاثة ألغاز معقدة، ومن يخفق يكون مصيره الموت. والنتيجة أن الأرض سالت بالدماء من كثرة المخفقين. وعندما رآها الأمير (خلف)، أحد أمراء المغول، سُحر بجمالها، فقرر أن يتقدم لخطبتها، فنهاه أبوه (تيمور) عن ذلك، وكذلك جاريته (ليو) التي كانت تحبه وتخفي حبها له، ولكن الحب يفعل الأعاجيب. فذهب إليها وعرضت عليه الألغاز، ولكن أخفق هو الآخر. فتوسل إلى أحد الوزراء أن يمنحه فرصة أخرى، ومع الإلحاح قبل الوزير، فراجع الأميرة في الأمر، فأعطته فرصة أخرى. وكانت المفاجأة نجاح الأمير في حل الألغاز الثلاثة، وكان حل اللغز الأول هو (الأمل)، والثاني (الدم)، والثالث (توراندو). وهنا صار على الأميرة الوفاء بوعدها، لكنها رفضت ذلك بكبرياء، بحجة أنها أميرة مقدسة لا تسلم نفسها لإنسان كي يدنسها. الأمير خلف أحلها من عهدها، ولم يأبه بها، بل تحداها وقال لها: أريدك أن تعرفي اسمي، ولك مهلة حتى الصباح. ولم تجد توراندو سوى جاريته (ليو)، فأمرت بتعذيبها لتنطق باسمه، ولكن ليو فضلت الموت على أن يهلك حبيبها. وفي النهاية، رأت الأميرة أنها غير قادرة على تحدي الأمير، لشجاعته وقوته، فقبلت الاقتران به.

العرض كان ضخماً للغاية، وغير مسبوق في دمشق، مع صالة مليئة عن آخرها، وجمهور غير معتاد على هذا النوع من الفن، لكنه احتفظ بمشاعره حتى نهاية العرض، ليحيي الفرقة بالتصفيق والوقوف لمدة عشر دقائق، وقد تألفت الفرقة من حوالي 200 ممثل صيني، بالإضافة إلى الأوركسترا الحيّة التي رافقت العرض، والتي قادها رئيس أوبرا الصين الوطنية وقائد الأوركسترا (يو فينغ).