يطرح الأخ الصديق، صالح الشيحي، ما قبل الأمس سؤال المقارنة بين سلوك شبابنا السعودي وبين نظيره الخليجي عن (الهوس والسعار الذي يعاني منه السعودي ويجعل منه وحشا لا يؤمن جانبه، وما الذي يجعله خطرا على الآخرين في الأسواق والتجمعات العامة). لماذا (الشباب في الدول المجاورة لا يحتاجون إلى طوابير أمن لحماية الفضيلة). وسأجتهد لإجابة أسئلة أبوحسام الضخمة. نحن وصلنا إلى هذه النتيجة لأن نظامنا التعليمي اشتغل بالحشو والتحفيظ والتلقين على حساب التدريب على السلوك، لأن ذات النظام التعليمي لم ينتج إلا جماجم الفراغ. نحن وصلنا لهذه النتيجة لأن جل خطابنا الوعظي الكثيف لم يفرز إلا الغلو والتطرف ولم يثمر سوى عن مزيد من القوائم الأمنية وكأننا في بيوت محمية لسلال الخضار. لم يفتح أحد هذا التابوت ولم يقتحم أحد هذه البيوت المحمية. وصلنا لهذه النتيجة لأن نظامنا الأسري يعتمد على التفريخ الكمي دون أن يسأل الآباء عن النوعية. وصلنا لهذه النتيجة بالضبط لأننا لا نحترم القانون، وأكثر من هذا: أين القانون؟ الذي يتحرش بالمرأة في قلب المجمع التجاري لا يحتاج إلى صرامة الهيئة فحسب، بل أيضا إلى قانون واضح مكتوب يعرف فيه المتحرش مصيره بالضبط، حجم العقوبة الرادعة ونوعها ومدتها وأكثر من هذا إلى الإعلان الفاضح الواضح عنها حتى يرتدع من مازال على ذات الطابور. نحن وصلنا لهذه النتيجة المؤسفة لأن أدبيات العنصرية و"المهايطة" و(الخشم) المرفوع على لا شيء تزدهر صناعة في بيوتنا على عشرات القنوات الشعبية الهابطة وتستأثر بالنصيب الأعلى من المشاهدة. نحن وصلنا لهذه النتيجة المخيفة لأننا بلا قانون، وإن صدر القانون تحايلنا عليه بالطبطبة وحب الخشوم، ولك أن تسأل عن عصابة تبوك التي عاثت في العام الماضي بمدرستها في "بلطجة" وصلت لضرب المعلمين: إنهم يدرسون الآن في ذات المدارس وكل المسألة تعهد خطي يذهب للأرشيف دون أن ندرك أننا بهذا التسامح الضعيف نبث رسالة قوية إلى آلاف الطلاب القادمين على ذات الطابور. الجنح عن الذوق العام، والخروج على القواعد والآداب العامة لا يحتاجان إلى مواعظ ولا إلى أسابيع توعية كاذبة. القصة برمتها يختصرها القانون الواضح المعلن المكتوب. هذا ما تفعله كل مجتمعات الشرق والغرب التي يسوق لها الشيحي أسئلة المقارنة.