ردا على انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى «آي إن إف»، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن موسكو ستعلق مشاركتها في المعاهدة، مشيرا إلى البدء في إنتاج صواريخ جديدة بينها واحد أسرع من الصوت.
وقال بوتين إن «شركاءنا الأميركيين أعلنوا تعليق مشاركتهم في الاتفاق وسنعلق نحن كذلك مشاركتنا»، في إشارة إلى المعاهدة الموقعة موسكو وواشنطن عام 1987.
وأكد بوتين خلال لقاء جمعه بوزيري الخارجية والدفاع سيرجي لافروف وسيرجي شويجو، أن روسيا لن تباشر أي محادثات جديدة مع الولايات المتحدة بشأن مسألة نزع الأسلحة، مضيفا «سننتظر إلى حين نضوج شركائنا بما يكفي لإجراء حوار متساو، وذي مغزى بشأن هذا الموضوع المهم».
انتهاك الاتفاق
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن أول من أمس أن واشنطن ستعلق التزاماتها المنصوص عليها في المعاهدة وستبدأ عملية الانسحاب، التي تستغرق ستة أشهر، فيما أشار وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى أن واشنطن ستتترك الباب مفتوحا أمام إجراء مفاوضات مع روسيا، خلال مهلة 6 أشهر، من أجل التوصل إلى اتفاق جديد بشأن معاهدة الصواريخ النووية التي يتراوح مداها بين 500- 5500 كيلومتر.
وفي حال لم تلتزم موسكو خلال هذه المهلة، فإن واشنطن ستنسحب منها نهائيا، وفق بومبيو.
وذكرت واشنطن في وقت سابق أن منظومة الصواريخ الروسية متوسطة المدى تشكل انتهاكا لاتفاق «آي إن إف»، لكن موسكو لطالما أصرت على أنها لا تنتهك الاتفاق، وكرر لافروف أمس الاتهامات الروسية لواشنطن بأن الولايات المتحدة هي التي تنتهك المعاهدة منذ سنوات.
سباق تسلح
قال بوتين، خلال الاجتماع، إن روسيا ستسعى لتطوير صواريخ متوسطة المدى ردا على ما وصفها بأنها مشاريع مشابهة في الولايات المتحدة، لكنه أكد أمام الوزيرين أن روسيا «لن تنخرط في سباق تسلح جديد مكلف».
وأضاف أن موسكو ستكتفي بنشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا وغيرها، ردا على تحركات مشابهة من قبل الولايات المتحدة.
يأتي ذلك في وقت أعرب القادة الأوروبيون عن قلقهم من تداعيات انهيار المعاهدة، وحضوا روسيا على التعامل مع المسائل التي تشكل مصدر قلق بالنسبة لواشنطن قبل انسحاب الأخيرة رسميا منها في أغسطس المقبل.
أجواء الحرب الباردة
حذرت تقارير دولية من التصعيد المتبادل بين روسيا وأميركا، بعد إعلان الجانبين عدم الالتزام بمعاهد الأسلحة النووية متوسطة المدى الموقعة 1987، مشيرة إلى أن التصعيد يعيد أجواء الحرب الباردة وسباق التسلح، بما يهدد الأمن والسلم الدوليين، خاصة أن مخططي الدفاع الأميركيين ركزوا بشكل كبير على الصين، بسبب إنفاقها العسكري المتزايد، وزيادة جهودها لترسيخ نفوذها في المياه المختلف عليها في آسيا.
رقابة الترسانات النووية
قال مراقبون إن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة يمنحها ورقة بيضاء لإطلاق إنتاج الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى المحظورة، وتصنيع أنواع جديدة من الأسلحة النووية الضاربة، مشيرين إلى أن فسخ المعاهدة قد يحفّز سباق التسلح في العالم، كما قد يؤدي إلى وقوع أزمة جدية في مجال فرض الرقابة على الترسانات النووية.
وذكر المراقبون أن الولايات المتحدة بمقدورها أن تصنع بأسرع وقت ممكن نماذج برية من صواريخ «توماهوك»، ما سيشكل خطورة على أمن روسيا وسيؤدي إلى تفاقم الأوضاع على حدود روسيا مع الغرب، إذ أن أي إطلاق لصاروخ قد يتسبب فى رد متكافئ من جانب روسيا.
وبين المراقبون أن روسيا تمتلك في الوقت الراهن كمية كافية من آليات الردع النووي وغير النووي ستتم الاستفادة منه بعد فسخ معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
من أوراق المعاهدة
نصت على تدمير 2692 صاروخا قبل 1991، أي كل الصواريخ المتوسطة المدى تقريبا
قامت موسكو علم 1991 بإتلاف الأنظمة الصاروخية «بيونير» و«تيمب– أس» و«أوكا» وصواريخ «أر – 12» و«أر-14»
تبادلت موسكو وواشنطن في السنوات الأخيرة الاتهامات بخرق المعاهدة
تشكل هذه الصواريخ أكثر بقليل من 4 % من مجموع الترسانة النووية للبلدين في 1987
تخلصت أميركا من أنظمة «بيرشينج» والنماذج البرية من صواريخ «توماهوك»
القادة الأوروبيون يعربون عن قلقهم من تداعيات إعلان أميركا وروسيا عدم الالتزام بالمعاهدة