ـ 1 ـ

لم تعد نظرية الانفجار العظيم التي تتحدث عن الضغط الهائل على كتلة الكون الغازية الذي أدى إلى انفجارٍ قذف بأجزاء الكتلة إلى مختلف الاتجاهات، خاصة بأصل تكوين الكواكب والمجرات والنجوم، بل يمكن تطبيقها على الدول التي يؤدي "الضغط" فيها إلى انفجار يحولها إلى دولتين أو أكثر..

ـ 2 ـ

منذ بدأت جمهوريات الاتحاد السوفييتي بالانفصال إثر حالة الـ"بيروسترويكا" أو إعادة البناء التي تبناها جورباتشوف، كان يفترض بدول العالم أن تعي أهمية الاختلاف والتنوع، فتعمل على النظر في عثرات النظام الشيوعي، وتدارك ما يمكن منها إن وجدت لئلا يحدث الضغط الذي يؤدي إلى الانفجار الشعبي والانفصال. الدول التي لم تغير قناعاتها قادت شعوبها إلى الانفجار.. فاختفت يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وأعلنت دول جديدة تضم أعراقا بعينها، فالظرف العالمي صار مواتيا لأبنائها لأن يرفضوا الاستمرار تحت حكم عرق آخر.

ـ 3 ـ

في حالة معكوسة للسوفييت، استفاد الألمان من الدرس، وعام 1989 قادهم الضغط الناتج عن انفصال العرق الواحد إلى الانفجار وتحطيم جدار برلين لتصبح ألمانيا دولة واحدة من جديد، وصارت ألمانيا الغربية وأختها الشرقية جزءا من التاريخ.

ـ 4 ـ

ذات يوم اتحد إقليمان شمالي وجنوبي فكانت الجمهورية العربية المتحدة.. ولأن "القوى الامبريالية" كما علمونا في صغرنا لم ترد للوحدة الاستمرار، فقد حدث الانفصال عام 1961. ويتحدث البعض ممن عاشوا المرحلة عن ضغوط داخلية عاشها الإقليم الذي لم يكن الزعيم منه نتيجة سيطرة مسؤولي الإقليم الآخر على كل شيء، فكان الانفصال.

ـ 5 ـ

في جلسة عقدها البرلمان السوداني مطلع عام 1956 تم إعلان استقلال السودان عن مصر. واليوم تتجه الدولة المستقلة إلى انفصال.. والخوف أن يحدث انفصال آخر بعد الانفصال، تليه انفصالات أخرى، وتستمر السلسلة...

ـ 6 ـ

تلوح شعارات الانفصال في أكثر من مكان عربي... في عراق مليء بالعرقيات والمذاهب.. وصومال يمر باضطرابات لم تهدأ منذ زمن..

ـ 7 ـ

كثيرة هي أنواع الانفصال ونماذجه، من انفصال الأزواج إلى انفصال شبكية العين إلى انفصال الدول.. ويكاد يكون الضغط المؤدي إلى الانفصال قاسمها المشترك.. لذلك تستمر الكيانات والمؤسسات التي تمنع أسباب ذلك الضغط، بدءا من مؤسسة الزوجية وانتهاء بمؤسسات الدول التي ترتقي بمواطنيها.