كان الصراخ على الخط الجانبي للملعب هو رد الفعل الوحيد الذي أتى به خوزيه بيسيرو (المقال) وهو يشاهد لاعبي الأخضر مكبلين بتشكيله الغريب، ومنهجيته المحبطة أمام المنتخب السوري أول من أمس.

كان السوريون يمارسون ضغطاً هائلاً، ويخنقون المساحات وفضاءات تنفس المهارة السعودية، ويعزلون ياسر القحطاني وناصر الشمراني بعيدين في خط المقدمة، ويطبقون بشراسة على أي نوايا لمباردة في صناعة اللعب يعتزم عبده عطيف القيام بها، فيما كان هذا البيسيرو مازال يمارس ظاهرته الصوتية حتى إن اللاعبين أنفسهم أصموا آذانهم عن سماعه وتفرغوا ليلعبوا بطريقتهم.

لم تكن المشكلة وليدة اللحظة على الخط الجانبي للمباراة، بل تعود في أصلها إلى وقت طويل مارس فيه بيسيرو تضليلاً دعائياً وهو يبرر و"يبربر" في المؤتمرات الصحفية "متفلسفاً" وكأنه قد جمع المجد من طرفيه وبات يدل علينا بقيادته للمنتخب، بل كانت وليدة مرحلة طويلة مضت جددت الثقة خلالها فيه أكثر من مرة على الرغم من هفواته وعثراته، وكانت الذريعة الدائمة الحرص على الاستقرار التدريبي.

وبدت مسألة الاستقرار مقنعة إلى حد ما، خصوصاً من حيث المبدأ، فالاستقرار مهم، ومنح المدرب الفرصة أكثر أهمية، لكن تكريس الاستقرار التدريبي يحتاج في مرحلة أولى خياراً ناجحاً للجهاز التدريبي، وثقة أكبر بأنه يمتلك ما يمكن أن يعطيه، ويقينا دامغاً أنه يمضي وفق منهجية واضحة المعالم، وخطة محددة التضاريس والإطارات تتضمن محطات يمكن قياس التطور المنشود عبرها، فهل فعل بيسيرو هذا، وهل فعلنا قبل استقدامه المطلوب منها.

خلال عهد بيسيرو خسرنا لقبين خليجيين، وخسرنا فرصة التأهل للمونديال، وخسرنا جيلا من اللاعبين أصابهم الإحباط، وخسرنا ثقة فقدها الجمهور بمنتخبه ونجومه.

وخلال عهد بيسيرو منحت صفة اللاعب الدولي لنحو مئة لاعب ربما أكثر من نصفهم لا يستحق حملها، فلماذا جددت به الثقة؟، وما الذي قدمه من معطيات حتى نؤمن له الاستقرار؟، وهل اقتنع أي منا بحديثه عن الإحلال والتبديل؟، وعن جيل جديد يبنى لكرة القدم السعودية؟، ثم لماذا صبرنا على تخطباته وقفزه على حبال ألاعيب الكلام طالما أن ما قدمه لم يرق يوما حد الإيمان بقدرته على تقديم الفائدة.