نحن لدينا 4 آلاف مشروع متعثر رغم الموازنة المرصودة ورغم أن هذه الآلاف من المشاريع مسلَّمة إلى المقاول الأول، وربما بدوره سلمها حتى وصلت للمقاول الخامس من الباطن. لا يوجد في قلب هذه المشاريع ـ خشب ـ حتى نقول لكم ولو (امسكوا الخشب). وبالمثل فإن الفشل في المضي قدماً أو حتى زحفاً في بناء مشاريع مادية ملموسة محسوسة تشاهدها العين، يوازيه حتى الفشل في المضي ـ حبواً ـ في مشاريع أخرى لا تحتاج لأكثر من الورق.

خذ بالمثال، أننا نسمع عن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم منذ خمس سنوات على الأقل ولكننا لم نشاهد ورقة واحدة من هذا المشروع في حقيبة طفل مدرسية وهم يعودون إلينا ظهر كل يوم من المدرسة. وكل ما يحتاجه هذا المشروع ليس إلا ـ ربطة ـ من الورق الأبيض ليكتب عليها المختصون المتخصصون آراءهم وأهدافهم وأفكارهم في تطوير التعليم. الموضوع لا يحتاج إلى حفريات ودفنيات أو قواعد وأعمدة. لا إلى حديد ولا إلى صبة خرسانية. وكل القصة أنهم، ولا أدري من هم، أوكلوه إلى شركة خاصة، وحتى هذا المشروع ـ الورقي ـ الخاص، ربما يقبع اليوم في أدراج مقاول خامس من الباطن أو، ربما مرة أخرى، من خلف الظهر. خذ المثال الآخر في مشروع تطوير القضاء، ومرة أخرى هو مشروع ـ ورقي ـ لا يحتاج لأكثر من أوراق ومحبرة وبضعة متخصصين يجلسون على الطاولة. وحتى اللحظة، وبعد سنوات، لم يتغير شيء، ومن المفارقة أن مبنى محكمة الاستئناف في أبها مستأجر منذ عام مضى وما زال خالياً تسكنه الرياح حتى اللحظة. ومن المفارقة أن بدايات مشروع تطوير القضاء بملياراته كان (خبراً عاجلاً) على شاشة القناة الرسمية قبل أن يتحول العاجل المستعجل إلى أبرد من شتاء ـ ألاسكو ـ فلا شيء في الحياة يستوجب العجلة. أخيراً سأعرج على نفق مدينة الخميس: أقل من نصف كيلومتر من هزيمة الإدارة والإرادة المضحكة التي فشلت عشرات العقول أن تدفنه (بقلابين) في يومين، حتى على الأقل نقبر هذه الفضيحة المجلجلة.