زاد الطلب على القروض الاستهلاكية في المملكة خلال الربع الاول وبخاصة القروض المقدمة من البنوك للمواطنين لشراء العقارات والسيارات، كما زادت البنوك من تمويلها للقطاع الخاص لاستيراد السيارات والمواد الغذائية في دليل قوي على انتعاش الاقتصاد السعودي بعد الأزمة المالية التي أثرت على نمو القطاع الخاص في العام الماضي.

 وحسب بيانات اقتصادية رسمية فقد شهدت الفترة نفسها إحجام المواطنين عن الاقتراض من البطاقات الائتمانية (فيزا وماستركارد وأمريكان إكسبريس) حيث هبطت قروض البطاقات الائتمانية بصورة طفيفة من 8.8 مليارات ريال في الربع الأول من العام الماضي إلى 8.2 مليارات ريال في الربع الأول من العام الجاري.

 ومن المتوقع أن تزيد القروض على بطاقات الائتمان خلال الربع الثاني نظراً لدخول موسم الصيف الذي يزيد فيه السفر إلى الخارج.

 وأظهرت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" للربع الاول الصادرة أمس أن المواطنين السعوديين اقترضوا ما يقارب من 187 مليار ريال في صورة قروض استهلاكية في الربع الاول أي بزيادة بلغت 7.5% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

 وذهب 58.7 مليار ريال أي ما يقارب من ثلث القروض الاستهلاكية على شراء السيارات والعقارات، إلا الإنفاق على شراء السيارات كان أكبر من الإنفاق على شراء العقار إذ بلغت قروض السيارات 39.3 مليار ريال فيما بلغت القروض العقارية 19.4 مليار ريال.

وبالرغم من حجم الطلب القوي على السيارات في المملكة إلا أن النمو في الإقراض كان أعلى على العقار منه على السيارات إذ نمت القروض العقارية في الربع الأول بنسبة 26% إلى 19.4 مليار ريال يقابله نمو في تمويل السيارات بنسبة 4.2% مقارنة بالربع الأول من 2009.

وأوضح كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون إسفاكياناكيس في تصريح لـ"الوطن" أن الزيادة على القروض الاستهلاكية لن تساهم هذا العام في زيادة مستوى التضخم فوق مستوى 5% لأن حجم الأموال السائلة في الاقتصاد في تناقص مستمر.

وتباطأ نمو عرض النقود (مجموع الودائع والأموال النقدية لدى البنوك التي يمكن للمواطنين سحبها في أي وقت) حيث نما المعروض النقدي في شهر مارس الماضي بنسبة 4.7% وهي أقل من نسبة نموه في شهر فبراير عندما نما بنسبة 5.6%.

وقال إسفاكياناكيس إن نسبة نمو عرض النقود هي مطابقة لنسبة نمو التضخم السنوي في شهر مارس التي بلغت 4.7% كذلك وهو يعني أن التضخم تحت السيطرة بشكل كبير في المملكة.

وساعد تحسن الطلب على السيارات في المملكة منذ منتصف العام الماضي على زيادة استيرادها من  الخارج ، حيث زادت البنوك التجارية التمويلات التي قدمتها للقطاع الخاص لاستيراد السيارات إلى 6.94 مليارات ريال ، بارتفاع نسبته 11% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2009.

وأظهرت بيانات ساما أن القروض التي قدمتها البنوك للقطاع الخاص خلال الربع الأول من العام الجاري ارتفعت بنسبة 2.4% إلى 745.8 مليار ريال وهو دليل على خروج البنوك من حالة التحفظ الشديدة تجاه إقراض القطاع الخاص خلال العام الماضي بعد ارتفاع نسبة الديون المتعثرة للبنوك على الشركات الخاصة والعائلية.

وأوضح كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي أن البنوك السعودية إذا ما استمرت في الإقراض بزيادة مستمرة هذا العام فإن القطاع الخاص سينمو بنسبة تتجاوز 3%.

وقال: "إذا نما الإقراض للقطاع الخاص بنسبة 8% فإن القطاع الخاص سينمو بنسبة 3.7% وهو ما يعني المزيد من الوظائف للمواطنين".

وأظهر مسح اقتصادي أجراه البنك السعودي الفرنسي على 781 شركة محلية الشهر الماضي، أن 61.2% من مديري الشركات الذين شملهم المسح  أعلنوا عن خططهم لتوظيف عاملين جُدد خلال الأشهر الستة المقبلة،  بعدما زادت البنوك من إقراضها للمشروعات ، وتحسن الطلب المحلي والعالمي على السلع والخدمات.

وساهم ارتفاع أسعار النفط في تحسن الثقة في الاقتصاد ، بعد تجاوز متوسط سعر برميل النفط الثمانين دولاراً منذ مطلع مارس، مما يعني أن المملكة ستتمكن من بناء احتياطيات جيدة هذا العام والإنفاق الكبير على المشروعات التنموية.

 وأشار إلى أن أن الاقراض المصرفي في 60% من الشركات تحسّن أو عاد إلى وضعه الطبيعي، بينما بلغت هذه النسبة في الربع الأول 41% فقط.

وقال البنك إن عودة البنوك للإقراض ستزيح الكاهل من على ظهر الحكومة حيث عرقل شح القروض المصرفية عملية تعافي الاقتصاد المحلي وأرغم الحكومة على الاضطلاع بدور المموّل الرئيسي، للعديد من المشروعات التوسعية.