يستغرب المتابع من مدير العلاقات العامة أو المتحدث الرسمي لأي جهة حكومية ينفي حقيقة يعرفها الناس، أو يتحدث عن واقع جميل لإدارته غير موجود، أو يتهرب ويتخفى بإغلاق هاتفه أو بأي عذر.

الأدلة على ما ذكرت أعلاه لا تحصى فهي مادة يومية للصحف الورقية والإلكترونية وهي لا تشمل الجميع، فالمتحدثون الرسميون لمختلف قطاعات الأمن وفي طليعتهم المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية غالبا ما يواكبون الأحداث ويضعون النقاط على الحروف في حينها، والمتحدث الرسمي لوزارة الإعلام يفعل ذلك، وغيرهم يفعلون، لكن هناك عدد غير قليل من المتحدثين الرسميين أو مديري العلاقات في قطاعات أخرى يفعلون عكس ذلك، وأنا هنا لست بصدد لومهم، لكنني أحاول تفهم ما هم فيه من خلل، فهو ليس سجية فيهم، وإنما نتيجة طبيعية لواقع القطاعات التي ينتمون إليها.

هناك قطاعات أدركت وفهمت دور هؤلاء ومسؤوليتهم أمام الرأي العام بأنه توضيح الحقائق كما هي، حيث كانت تشعر بحاجتها لذلك قبل أن تعيّنهم في مواقعهم الهامة، وحين بدؤوا ممارسة مهامهم هيأت لهم كل ما يطلبون من معلومات، فلا يقع حادث أو حدث له علاقة بهذا القطاع إلا ومدير العلاقات أو المتحدث الرسمي في قلبه، يعرف كل المعلومات التي يبادر إلى إعلانها للرأي العام أولا بأول، ولهذا تجده في كامل الاستعداد للإجابة على أسئلة الإعلام في أي وقت دون تحرج أو تسويف، وهو بهذا يعكس صورة إيجابية للقطاع الذي ينتمي إليه، هذا القطاع يقول بصورة غير مباشرة ليس لدينا ما نخفيه، نروي الوقائع كما هي بإيجابياتها وسلبياتها، لسنا ملائكة وإنما بشر لكننا مجتهدون جادون.

هناك في المقابل قطاعات فهمت أو أرادت من المتحدث الرسمي أو مدير العلاقات العكس، وضعته لمهمة وحيدة هي تلميع الصورة كيفما كانت، فوجد هذا النوع من المتحدثين الرسميين أو مديري العلاقات أنفسهم في حرج كبير أمام الرأي العام الذي لم تعد تخفى عليه حقائق الأمور، وأمام المسؤولين في قطاعاتهم الذين كلفوهم المستحيل، جرب هؤلاء نفي الحقائق كما طلب منهم فلم يفلحوا، جربوا تقديم صورة براقة لقطاعاتهم ليست موجودة في الواقع فلم ينجحوا، بل قوبلوا في كل ذلك بالنقد والتقريع والتكذيب، فلم يعد أمامهم سوى التواري عن المواجهة التي يجيء إغلاق الهاتف أقربها وأبسطها.

لا تلوموهم فهم بسلوكهم هذا يعبرون عن واقع قطاعاتهم التي ما زالت تتوهم أنها تستطيع إخفاء ما أصبح من المستحيل إخفاؤه، القيادة تدعو وتحث على الشفافية والوضوح، والواقع يفرض ذلك فرضا، فأين يعيش هؤلاء؟