ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سائقي المشاوير(الطلبات الخاصة) والتي سرعان ما انتشرت بين البيوت، فلا تكاد توجد أسرة إلا وتتعامل مع سائق، أكثر لقضاء مشاويرهم وجلب حاجياتهم، ولكن من هم أبطال هذا الموضوع ؟ إنهم عمالة مخالفة لمهنتهم التي قدموا عليها.


"محمد" أحد هؤلاء السائقين من الجنسية الآسيوية ، والذي قدم على تأشيرة كهربائي، ولكن سرعان ما استبدلها بسائق مشاوير حينما وجد في هذه المهنة الطريق الأسهل لكسب المال، وكل ما يلزمه سيارة يقودها وجهاز جوال يتواصل من من خلاله مع زبائنه.


محمد أمضى ثلاث سنوات في هذه المهنة، ولا تربطه بكفيله أية علاقة سوى إيصال عائلته، وقضاء مشاويرهم وقت الحاجة ودونما مقابل، السائق محمد يقول إن عدد المشاوير التي يقوم بها يومياً ما بين 10 إلى 15 مشوارا، يتقاضى عن كل مشوار 15 ريالا، عدا المعلمات والموظفات والبالغ عددهن 8 من المعلمات والموظفات ، واللواتي يقوم بنقلهن بأجر شهري مقابل 300 ريال لكل موظفة.


ويضيف أن 90% من الموظفين يقوم بنقل عوائلهم هو وأبناء جلدته من السائقين.


"مها" (معلمة) تقول "في البداية كان زوجي هو من يقوم بإيصالي إلى العمل وإحضاري منه، إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلاً بسبب تعارضه مع عمل زوجي، لأنه لا يستطيع الاستئذان بشكل يومي، ما دعاني مع زميلاتي في المدرسة للبحث عن سائق، ولم أجد صعوبة في العثور على سائق عن طريق إحدى زميلاتي"، مشيرة إلى أنه من السهل لأي موظفة العثور على سائق لإيصالها، لأنه لا تكاد تخلو شريحة جوال موظفة من رقم أحد السائقين إن لم يكن أكثر.


أما مريم العنزي فترى أن السائق أصبح ضرورة ملحة، وذلك في ظل انشغال رب الأسرة، وكذلك وجود عوائل لا يوجد لها ولي أمر، وتعتبر أن ما يقوم به السائق هو نفسه ما يقوم به السائق الخاص للعائلة، إلا أن الفرق مابينهما في التكلفة. الأمر الذي قد لا تستطيع بسببه العديد من الأسر استقدام سائق خاص.


وتقول أم محمد إنها مجبرة على التعامل مع سائقي المشاوير، وإن الوضع الاجتماعي هو ما دعاها لذلك كونها أرملة وأما لثلاثة أطفال، ولا تجد من يساعدها في تأمين حاجياتها وحاجيات منزلها، بدلاً من أن تستعين بالجيران والأقارب، خصوصاً أن السائق الذي تتعامل معه بمجرد اتصال هاتفي يقوم بأكثر من مشوار لجلب حاجياتهم، كما أنه ليست لديه مشكلة في أن ينتظر لآخر الشهر ليستلم ثمن ما جلبه في حال عدم وجود المال لديها.


الناطق الإعلامي بشرطة منطقة الحدود الشمالية العقيد بندر الإيداء أوضح أن كل وافد يعمل بخلاف العقد المبرم معه من قبل كفيله يعتبر في نظر النظام مخالفا ، وهناك تعليمات وأوامر لدى الجهات المختصة تعالج مثل هذه المخالفات وتطبق النظام بحق المخالف".


وأضاف أن من يتم ضبطه من السائقين المخالفين خلال الحملات الأمنية والعمل الميداني المعتاد تتم إحالته لجهات الاختصاص، مؤكداً على ورود شكاوى ضدهم من قبل سائقي سيارات الأجرة من المواطنين، نظراً لمنافستهم على الزبائن، ويتم التعامل معها بإحالة السائقين المخالفين إلى الجهات المختصة التي تطبق بحقهم ما لديها من أنظمة.


وقال مدير مكتب العمل بمنطقة الحدود الشمالية صلف غشيم الجارد إن هناك عقوبات تطبق بحق العمالة المخالفة الذين يعملون على غير مهنهم، أو لدى غير كفلائهم بموجب المادة (38) ، والتي يترتب عليها عقوبة العامل وكفيله بالغرامة من خلال اللجنة الابتدائية التابعة لمكتب العمل، وكذلك المادة (39) والتي تعاقب من يعمل لدى غير كفيله بغرامة تصل إلى 10000 وترحيله إلى بلاده.


ويؤكد الباحث الاجتماعي الرمضي قاعد العنزي أنه ضد هذه الظاهرة مطالباً بالقضاء عليها، ويرجع تناميها إلى تحفظات غير مبررة من قبل النساء، والتي تعتمد عناصر التفضيل لديهن على إيحاءات نفسية، وليست في الغالب عناصر منطقية.


ويرى أن كل مهنة تحتاج إلى مهارة التعامل، والتي يستبعد تواجدها لدى السائق الأجنبي، فأكثر من 70% من العمالة الوافدة تعليمهم أقل من المتوسط، وأغلبهم لا يجيد حتى اللغة، مشيرا إلى أن على الجهات المختصة دور يجب تفعيله باعتبار النقل مشروعا تجاريا، ويجب تنفيذه من خلال عمل مؤسسي تتم فيه تهيئة الفرصة الوظيفية للمواطنين الباحثين عن فرصة عمل، وأبناؤنا يغلب عليهم الصلاح، مستغرباً ذلك في ظل عدم تفعيل قرارات السعودة.