أجمعت دوائر سياسية على أن زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان لمصر، والتي جاءت كمحطة ثالثة بعد زيارته للإمارات والبحرين ضمن جولته العربية، قبل مشاركته في قمة العشرين بالأرجنتين، أكدت على عمق العلاقات الإستراتيجية السعودية المصرية باعتبار الرياض والقاهرة جناحي الأمن القومي العربي، وأن كلا البلدين يتحمل مسؤولية درء المخاطر ومواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، فضلا عن العلاقة التاريخية التي تربط الشعبين السعودي والمصري، والتي اتسمت على مدى عقود بالتلاحم المستمر والشراكة الدائمة في التصدي للأزمات، والعمل على خدمة المصالح المشتركة والقضايا العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين.
ووفقا للدوائر السياسية فإن الاستقبال الرسمي والشعبي والحفاوة الكبيرة الذي استقبل به ولي العهد والوفد المرافق له في مصر، والتي شرفها بالزيارة للمرة الثانية خلال العام الحالي، وما شهدته الزيارة من مباحثات تؤكد جميعها على أن العلاقات السعودية المصرية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية طفرة غير مسبوقة، شملت كافة مجالات التعاون السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية وغيرها من المجالات.
وكان ولي العهد قد زار مصر لمدة يومين، بدأها يوم 26 نوفمبر الماضي، وكان في مقدمة مستقبليه في المطار الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الذي حرص على استقبال الأمير محمد بن سلمان عند سلم الطائرة تقديرا لضيف مصر الكبير، ومرحبا به في وطنه الثاني مصر.
لقاءات موسعة
شهد اليوم الثاني للزيارة «27 نوفمبر» نشاطا موسعا لولي العهد والوفد المرافق له تضمن ما يلي:
لقاء ولي العهد بالرئيس المصري في قصر الاتحادية بالقاهرة، والذي استهله الرئيس عبدالفتاح السيسي بالترحيب بالأمير محمد بن سلمان في بلده الثاني، كما عبر الأمير محمد بن سلمان عن شكره للحفاوة وكرم الضيافة التي حظي بها والوفد المرافق، كذلك نقل ولي العهد، تحيات خادم الحرمين الشريفين للرئيس المصري، فيما حمله فخامته تحياته وتقديره لخادم الحرمين الشريفين.
عقد ولي العهد والرئيس المصري اجتماعا موسعا بحضور وفدي البلدين، جرى خلاله استعراض أوجه العلاقات الثنائية العريقة بين البلدين الشقيقين وفرص تطويرها في مختلف المجالات، وتطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المشتركة المبذولة تجاهها، إلى جانب بحث مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
تعاون اقتصادي
شارك وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي في لقاء الأعمال المصري السعودي الذي عقد في القاهرة، ضمن الزيارة الرسمية لولي العهد لمصر، حيث تم الاتفاق على النقاط الآتية:
تشكيل لجنة مشتركة من رجال الأعمال السعوديين والمصريين من أعضاء مجلس الأعمال المشترك، لبحث إزالة كافة المعوقات والتحديات التي تواجه المستثمرين.
تفعيل التعاون بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المملكة ومصر من خلال الربط بين الغرف التجارية في البلدين، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين الغرف في الجانبين لمصلحة منتسبيهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعرض فرص التعاون المشترك في المحافظات المختلفة.
وفقا للدكتور القصبي فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 7.3 مليارات دولار، فيما بلغ حجم الاستثمارات السعودية المباشرة في مصر نحو 3.4 مليارات دولار، كما بلغ عدد الشركات السعودية في مصر 5 آلاف شركة، مما يجسد قوة وعمق العلاقات بين المملكة ومصر.
نوه زير الكهرباء المصري بحجم الاستثمارات السعودية في مصر، مؤكدا أن مثل تلك الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين تزيد من التقارب والتآخي بين شعبي البلدين ومجتمعات الأعمال والاستثمار فيهما، داعيا المستثمرين في البلدين إلى الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة المتجددة.
توافق إعلامي
التقى وزير الإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد في القاهرة بالوفد الإعلامي المرافق لتغطية الزيارة الرسمية لولي العهد.
أكد الوزير العواد على أهمية تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في المجالات الإعلامية كافة.
زار الوفد الإعلامي السعودي عددا من المؤسسات الإعلامية المصرية، والتقى رؤساء مجالس وتحرير إدارة مؤسسات صحف، الجمهورية، والأهرام، ودار أخبار، واليوم السابع.
التأكيد على أهمية تعزيز التعاون في المجالات الإعلامية والصحفية، وتبادل الخبرات بين المؤسسات في البلدين الشقيقين.
تنسيق وتشاور
في تعليقه على زيارة ولي العهد لمصر، تناول السفير السعودي بالقاهرة مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية، أسامة نقلي، عددا من النقاط المهمة بينها ما يأتي:
إن الزيارة تعكس عمق ومتانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين وحجم التعاون القائم بينهما.
الحرص على التنسيق والتشاور المتبادل في مواجهة التحديات المشتركة
الشراكة الإستراتيجية بين المملكة ومصر تهدف إلى نشر المحبة والسلام، برؤية موحدة تخدم مصالح البلدين الشقيقين.
أثمر التعاون السعودي المصري عن إنشاء المجلس الأعلى للتنسيق على المستوى القيادي.
تعزيز هذه الشراكة من خلال تطوير عمل المجالس القائمة والمتمثلة في اللجنة «المصرية - السعودية» المشتركة على المستوى الحكومي.
تعزيز دور مجلس رجال الأعمال السعودي المصري على مستوى القطاع الخاص.
التأكيد على أن تلك الزيارة ستشكل دفعة جديدة لنقل العلاقات إلى آفاق أرحب، بما فيه خير البلدين والأمتين العربية والإسلامية.
حوار متبادل
استقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر مكرم محمد أحمد، بحضور رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر، بمقر المجلس في القاهرة رئيس وأعضاء الوفد الإعلامي السعودي.
شهد اللقاء حوارا إعلاميا بين رؤساء تحرير الصحف السعودية ورؤساء تحرير الصحف المصرية، تناول أبرز القضايا الإعلامية الراهنة، وسبل مواجهة الإعلام المعادي الذي يسعى إلى تشويه الصورة الحقيقية للبلدين وسبل الاستفادة من التقنية، ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، وتبادل الوفود الإعلامية والخبرات والزيارات والمشاركة في الفعاليات بين البلدين.
كرم الضيافة
عقب مغادرته القاهرة، حيث كان في وداعه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعث ولي العهد برقية شكر للرئيس المصري، أعرب فيها عن بالغ امتنانه وتقديره على ما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة. وقال الأمير محمد بن سلمان في برقيته «إن المباحثات التي أجريناها مع فخامتكم والعلاقات الأخوية المتميزة التي تربط بين بلدينا، والرغبة المشتركة في تعميق التعاون بينهما في المجالات كافة، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفخامتكم، راجيا لفخامتكم موفور الصحة والسعادة، وللشعب المصري الشقيق المزيد من التقدم والازدهار».
أجواء الزيارة
دشنت السفارة السعودية في القاهرة هاشتاق «#ولي العهد _ في بلده الثاني _ مصر»، على حساباتها المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي.
حرص المصريون على تزيين شوارع القاهرة بصور ولي العهد والرئيس المصري والترحيب بضيف مصر الكبير.
رحب ممثلو أحزاب مصرية في مجلس النواب المصري، بزيارة ولي العهد لمصر، مشيرين إلى أنها تأتي في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين.
أكد ممثلو الأحزاب أن الزيارة تأتي في ظل ظروف استثنائية تمر بها المنطقة تتطلب توحد كلمة العرب، وأن السعودية ومصر تسعيان لتحقيق ذلك.