بين حين وآخر، تنتشر اقتباسات لبعض الكُتّاب ويتم تداولها بشكل واسع، اقتباسات هي أقرب لخزعبلات التنمية البشرية، توهم القارئ بقوة هي أكبر من احتماله كبشر، فيأخذها على محمل الجد، ويحاول تطبيقها في حياته وحياة من هم في دائرته، يبعثها كرسائل لأصدقائه من باب التشجيع والتحفيز، لكنها في الحقيقة كالسم يسري بيننا ويحيل حياة هؤلاء إلى جحيم؛ لأنهم تجاهلوا حقيقة بشريتهم.
من إحدى تلك الاقتباسات التي صادفتها مؤخرا «ليس لدى النحلة العاملة وقتٌ للحزن» للإنجليزي وليام بليك، وكم آلمني الانسياق الكامل من القراء لمثل هذه الاقتباسات، فبدا البعض يؤنب نفسه ويقرِّعها، والبعض الآخر يأخذ العهد على نفسه بالتوقف عن فعل ذلك، فمن المؤسف أن يكون لها هذا التأثير على الوعي الجمعي، حين يتم تجنيد قطيع من البشر هم أشبه بآلات تكد وتعمل، زُرع داخل عقولها أن لا وقت لأن تبوح بمشاعرك، أن تغضب، أن تحزن، أن تأخذ وقتا لتبكي، وأن من يفعل فهو إنسان ضعيف وهش، مؤسف أن يتم تجاهل العاطفة والمشاعر في الإنسان، خلال مقارنات واهية بين الإنسان وغيره من الكائنات الحية على الأرض، متناسين أن لا مجال للمقارنة هنا.
علينا أن نعلّم أطفالنا أننا بشر وجزء من طبيعتنا أن نحزن، نغضب، نفرح، نبكي، نضحك، نندم، نشعر بالأسف، من المهم أن نمنح أنفسنا وقتا ليكون بمقدور أرواحنا استيعاب هذه المشاعر ثم معالجتها، والمضي قدما في الحياة، ألا نكدّس هذه المشاعر جانبا أو نتجاهلها أو نُفرِط فيها فتضر بصحتنا النفسية، بل علينا تدريب أطفالنا كيف لنا في هذا العالم المفتوح الفضاءات، أن نصل إلى مرحلة الثبات الانفعالي والإدراك النفسي، أن يملكوا الوعي الحقيقي لمواجهة كل ما تلقيه وسائل التواصل الاجتماعي في وجه المتلقي، بالاستقراء والفهم وعدم الانسياق والتصديق لكل ما نقرؤه ونراه.